المنشورات

مُحَمَّد بْن نصر، أَبُو عبد الله المروزي الفقيه

ولد ببغداد، ونشأ بنيسابور، واستوطن سمرقند، وكان أعلم الناس باختلاف الصحابة ومن بعدهم في الأحكام، ورحل إلى الأمصار في طلب العلم. سمع يحيى بن يحيى [4] ، وابن راهويه [5] ، وهدبة [6] ، وخلقا كثيرا من أهل خراسان والعراق والحجاز والشام ومصر، وصنف التصانيف الكثيرة.
أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بْن طَاهِرٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا [أَبُو بكر] [7] أَحْمَد بْن الحسين البيهقي، [قَالَ] [8] أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم، قَالَ سمعت أبا مُحَمَّد عبد الله بْن مُحَمَّد الثقفي يقول: سمعت جدي يقول: جالست أبا عبد الله مُحَمَّد بْن نصر المروزي أربع سنين فلم أسمعه طول تلك المدة يتكلم في غير العلم.
قَالَ الحاكم: وسمعت أبا عبد الله مُحَمَّد بْن العباس الضَّبُّي، يقول: سمعت أبا الفضل بْن إسحاق بْن محمود يقول: كَانَ أَبُو عبد الله المروزي يتمنى على كبر سنه أن يولد له ابن فكنا عنده يوما من الأيام، فتقدم إليه رجل من أصحابه فساره في أذنه بشيء فرفع أَبُو عبد الله يديه فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ 14: 39. ثم مسح وجهه بباطن كفيه ورجع إلى ما كَانَ فيه فرأينا أنه استعمل في تلك الكلمة الواحدة ثلاث سنن: إحداها أنه سمى الولد، والثانية أنه حمد الله تعالى على/ الموهبة، والثالثة: أنه سماه إسماعيل لأنه ولد على كبر [سنه] [1] ، وقد قال الله عز وجل: أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ 6: 90 [2] .
قَالَ الحاكم: سمعت أبا عبد الله مُحَمَّد بْن يعقوب الحافظ، يقول: ما رأيت أحسن صلاة من أبي عبد الله مُحَمَّد بْن نصر، وكان [يقرأ] [3] وَكَانَ الذباب يقع على أذنه، فيسيل [4] الدم، فلا يذبه عن نفسه، ولقد كنا نتعجب من حسن صلاته وخشوعه وهيئته فِي الصلاة [5] كَانَ يضع ذقنه على صدره وينتصب كأنه خشبة منصوبة.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا الجوهري قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن العباس الخزاز أَخْبَرَنَا أَبُو عمرو عثمان بْن جعفر بْن اللبان، قَالَ:
حدثني مُحَمَّد بْن نصر، قَالَ: خرجت من مصر، ومعي جارية لي فركبت البحر أريد مكة فغرقت وذهبت مني ألفا جزء، وصرت إلى جزيرة أنا وجاريتي قَالَ: فما رأينا فيها أحدا، قَالَ: وأخذني العطش فلم أقدر على الماء وأجهدت فوضعت رأسي على فخذ جاريتي مستسلما للموت، فإذا رجل قد جاءني ومعه كوز، فَقَالَ لي: هاه، فأخذت وشربت وسقيت الجارية [6] ثم مضى، فما أدرى [7] من أين جاء ولا أين ذهب.
أخبرنا [أبو منصور] [1] عبد الرحمن بن محمد [2] الْقَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْرٍ] [3] أَحْمَدُ بْنُ عَلي [بْن ثَابِت] [4] ، قَالَ: حدثني أَبُو الفرج مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّهِ الخرجوشي، قَالَ: سمعت أَحْمَد بْن منصور الشيرازي، يقول: سمعت أَحْمَد بْن إسحاق بْن أيوب الفقيه، يقول: سمعت مُحَمَّد بْن عبد الوهاب الثقفي، يقول: كَانَ إسماعيل بْن أَحْمَد [الساماني] [5] والي خراسان يصل مُحَمَّد بْن نصر المروزي في كل سنة [6] بأربعة آلاف درهم، ويصله أخوه إسحاق بْن أَحْمَد بأربعة آلاف درهم [7] ، ويصله أهل سمرقند بأربعة آلاف درهم، وَكَانَ ينفقها من السنة إلى السنة من غير أن يكون له عيال فقلت له [8] : لعل هؤلاء القوم الذين يصلونك يبدو لهم، فلو جمعت [من] [9] هذا شيئا لنائبة، فَقَالَ: سبحان الله، أنا بقيت بمصر كذا وكذا سنة فكان قوتي وثيابي وكاغدي وحبري وجميع ما أنفقه على نفسي في السنة [10] عشرين درهما فترى إن ذهب هذا لا يبقى ذاك [11] .
أخبرنا [أبو منصور عبد الرحمن بن محمد] [12] القزاز قال: أخبرنا أحمد بن على بن ثَابِتٍ [الحافظ] [13] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الوليد الحسن بن محمد الدربندي، أخبرنا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سليمان [1] الحافظ، قَالَ: سمعت أبا صخر مُحَمَّد بْن مالك السعدي، يقول: سمعت أبا الفضل مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّهِ [2] ، يقول: سمعت الأمير أبا إبراهيم إسماعيل بْن أَحْمَد، يقول: كنت بسمرقند فجلست يوما للمظالم وجلس أخي إسحاق إلى جنبي إذ دخل أَبُو عبد الله مُحَمَّد بْن نصر المروزي فقمت له إجلالا لعلمه، فلما خرج عاتبني أخي إسحاق، وَقَالَ: أنت والي خراسان يدخل عليك رجل من رعيتك فتقوم إليه [3] وبهذا [4] ذهاب السياسة. فبت تلك الليلة وأنا متقسم القلب لذلك [5] ورأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام [6] كأني واقف مع أخي إسحاق، إذ أقبل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخذ بعضدي، وَقَالَ لي: يَا إِسْمَاعِيلُ! ثَبَّتَ [اللَّهُ] [7] مُلْكَكَ وَمُلْكَ بَنِيكَ! بِإِجْلَالِكَ مُحَمَّدَ بْنَ نَصْرٍ، ثُمَّ التفت إلى إسحاق، فَقَالَ: ذهب ملك إسحاق وملك بنيه باستخفافه بمحمد بْن نصر.
استوطن مُحَمَّد بْن نصر نيسابور [بعد] مدة، وَكَانَ مفتيها [8] ، واشتغل بالعبادة [9] ، ثم خرج إلى سمرقند فتوفي بها في محرم هذه السنة.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید