المنشورات

أَحْمَد بْن يحيى بْن إسحاق، أَبُو الحسين الريوندي الملحد الزنديق

[قَالَ المؤلف] [4] : وإنما ذكرته ليعرف قدر كفره، فإنه معتمد الملاحدة والزنادقة، ويذكر أن أباه كَانَ يهوديا، وأسلم هو، فكان بعض اليهود يقول للمسلمين: لا يفسدن عليكم هذا كتابكم كما أفسد أبوه علينا التوراة، فعلم أَبُو الحسين [5] اليهود وَقَالَ: قولوا عن موسى أنه قَالَ لا نبي بعدي.
وأنبأنا مُحَمَّد بْن أبي طاهر البزاز، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَلِي بْن المحسن التنوخي، عن أبيه، قَالَ: كَانَ الريوندي يلازم الرافضة [6] وأهل الإلحاد، فإذا عوتب قَالَ: إنما أريد أن اعرف مذاهبهم ثم كاشف وناظر.
قَالَ المصنف [7] : وقد كنت أسمع عنه بالعظائم حتى رأيت ما لم يخطر مثله على قلب أن يقوله عاقل [8] ، ووقعت على كتبه [9] فمنها: كتاب «نعت الحكمة» ، وكتاب «قضيب الذهب» ، وكتاب «الزمرد» [وكتاب «التاج» ، وكتاب «الدامغ» ، وكتاب «الفريد» ، وكتاب «إمامة المفضول» .
وقد نقض عليه هذه الكتب جماعة فأما كتاب نعت الحكمة، وكتاب قضيب الذهب، وكتاب التاج، وكتاب الزمرد] [1] والدامغ فنقضها عليه أَبُو [عَلي] [2] مُحَمَّد بْن عبد الوهاب الجبائي، وقد نقض [عليه أيضا] [3] كتاب الزمرد أَبُو الحسين عبد الرحيم بْن مُحَمَّد الخياط، ونقض عليه أيضا كتاب إمامة المفضول.
وقد كَانَ ابن الريوندي، وأبو عيسى مُحَمَّد بْن هارون الوراق الملحد أيضا يتراميان بكتاب الزمرد، ويدعي كل واحد منهما على الآخر أنه تصنيفه، وكانا يتوافقان على الطعن في القرآن، وأما كتاب الفريد فنقضه عليه أَبُو هاشم عبد السلام بْن عَلي الجبائي.
[قَالَ المؤلف] [4] : ورأيت بخط أبي الوفاء ابن عقيل، قَالَ: كَانَ الخبيث ابن الريوندي قد سمى كتابه الذي اعترض به على الشريعة الإسلامية المعصومة على اعتراض مثله من الملحدين كتاب الزمرد، فأخذ أبو علي الجبائي يعيبه في تسميته بالزمرد، ويذهب إلى أنه أخطأ وجهل في تلقيب العلم بالجواهر، وأن أهل العلم [5] لا يعيرون العلوم أسماء ما دونها والجواهر ناقصة بالإضافة إلى العلوم [6] ، فأزرى عليه بذلك ظنا منه أنه قصد تلقيبه بالزمرد إعارة له اسم النفيس من الجواهر.
[قَالَ ابن عقيل] [7] : فوجدنا في بعض كلامه من كتاب آخر [ما] [8] أبان به عن غير ذلك مما هو أخبث مما ظنه أَبُو عَلي، فَقَالَ: إن [للزمرد خاصة هي أنه إذا رآه الأفعى وسائر الحيات عميت قَالَ: فكان قصدي أن الشبهة [9] التي أودعتها الكتاب تعمي حجج المحتجين! فاعتقد ما أورده عاملا في] [10] حجج الشرع حسب ما أثر الزمرد في حدق الحيات، فانظروا إلى استقصائه في الازدراء بالشرائع. قَالَ ابن عقيل: وعجبي كيف عاش وقد صنف الدامغ، يزعم أنه قد دمغ [1] به القرآن، والزمرد يزري به على النبوات، ثم لا يقتل! وكم قد قتل لص في غير نصاب ولا هتك حرز، وإنما سلم مدة وعاش، لأن الإيمان ما صفا في قلوب أكثر الخلق بل في القلوب شكوك وشبهات، وإلا فلما صدق إيمان بعض الصحابة قتل أباه.
ومن بلهه تتبعه للقرآن وقد مر على مسامع سادات العرب، فدهش الكل منه وعجز الفصحاء عنه، فطمع هو من جهله باللغة [2] أن يستدرك عليهم، فأبان عن فضيحته.
قَالَ المصنف [3] : وقد، نظرت في كتاب الزمرد فرأيت فيه من الهذيان البارد الذي لا يتعلق بشبهه، حتى أنه لعنه اللَّه قَالَ فيه: «نجد في كلام [4] أكثم بْن صيفي أحسن من إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ 108: 1 [5] في نظائر لهذا.
قَالَ المصنف، وفيه أن الأنبياء وقعوا بطلسمات، كما أن المغناطيس يجذب، وهذا كلام ينبغي أن يستحيا من ذكره، فإن العقاقير قد عرفت أمورها وجربت، فكيف وقع هؤلاء الأنبياء بما خفي عمن كَانَ أنظر منهم؟ ثم إن المغناطيس يجذب ولا يرد، ونبينا صلّى الله عليه وسلّم دعا شجرة وردها.
وقال: قوله لعمار: «تقتلك الفئة الباغية [6] ، فإن المنجم يقول مثل هذا [7] فقيل له: إنما يعرف مثل هذا المنجم إذا عرف المولد، وأخذ الطالع، ثم قد لا يصيب وقد أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام بخبر غيب، فكان كما قَالَ: ثم أخذ لعنه الله يعيب القرآن ويدعي أن فيه لحنا، واستدرك ذاك الخلف بزعمه [1] على الأعادي الفصحاء الذين سلموا لفصاحته.
قَالَ أَبُو عَلي الجبائي: قرأت كتاب الملحد الجاهل السفيه ابن الريوندي، فلم أجد فيه إلا السفه والكذب والافتراء، قَالَ: وقد وضع كتابا في قدم العالم [2] ، ونفي الصانع، وتصحيح مذهب الدهرية، وفى الرد على مذهب أهل التوحيد، ووضع كتابا في الطعن على محمد صلّى الله عليه وسلّم وسماه الزمرد، وشتم رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعة عشر موضعا في كتابه [3] ، ونسبه إلى الكذب، وطعن في القرآن، ووضع كتابا لليهود والنصارى على المسلمين يحتج لهم فيه في إبطال نبوة النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى غير ذلك من الكتب التي تبين خروجه عن الإسلام.
وَقَالَ أَبُو هاشم بْن أبي عَلي الجبائي [4] : ابتدأ ابن الريوندي لعنه اللَّه كلامه في كتاب الفريد، فَقَالَ: إن المسلمين احتجوا لنبوة نبيهم بالكتاب الذي أتى به وتحدى به، فلم يقدروا على معارضته [5] ، قَالَ: فيقال لهم: غلطتم وغلبت العصبية على قلوبكم أخبرونا لو ادعى مدع [لمن تقدم] [6] من الفلاسفة مثل دعواكم في القرآن، وَقَالَ: الدليل على [صدق] [7] بطليموس وإقليدس فيما ادعيا أن صاحب إقليدس جاء به فادعى أن الخلق يعجزون عنه لكان ثبتت نبوته.
قلنا: قد يكون في زمن إقليدس من هو أعرف منه، وإنما شاع كتابه بعده، ولو اجتمع أرباب علمه لجمعوا مثله، ثم لو كَانَ نبينا بكتابه لم يقدح ذلك في دلالة نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [1] .
وذكر في كتاب نعت الحكمة تقبيح اعتقاد من يعتقد أن أهل النار يخلدون، وَقَالَ:
لا نفع لهم في ذلك [2] ولا للخالق، والحكيم لا يفعل شيئا لا نفع فيه، وهذا جهل منه لأنه يريد بهذا تعليل أفعال الخالق سبحانه وأفعاله لا تعلل، لأن حكمته فوق العقل المعلل، ثم يلزمه هذا بتعذيبهم ساعة.
قَالَ أَبُو عَلي الجبائي: كَانَ السلطان قد طلب أبا عيسى الوراق وابن الريوندي، فأما الوراق فأخذ، وحبس ومات في السجن، وأما ابن الريوندي فانه هرب إلى ابن لاوي اليهودي، ووضع له كتاب «الدامغ» في الطعن على محمد صلّى الله عليه وسلّم وعلى القرآن، ثم لم يلبث إلا أياما يسيرة حتى مرض ومات.
قال المصنف [3] : وقد ذكر في كتاب «الدامغ» من الكفر أشياء تقشعر منها الجلود، غير أنى آثرت أن أذكر منها طرفا ليعرف مكان [4] هذا الملحد من الكفر، ويستعاذ باللَّه سبحانه من الخذلان! فمن ذلك أنه قَالَ عن الخالق تعالى عن ذلك: من ليس عنده من الدواء إلا القتل فعل العدو الحنق الغضوب، فما حاجته إلى كتاب ورسول [5] ؟ وهذا قول جاهل باللَّه سبحانه لأنه لا يوصف بالحنق ولا بالحاجة وما عاقب حتى أنذر.
وقال لعنه الله ووجدناه يزعم أنه يعلم الغيب، فيقول: وَما تَسْقُطُ من وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها 6: 59 [6] ثم يقول: وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ 2: 143 [7] . / وهذا جهل منه بالتفسير ولغة العرب، وإنما المعنى ليظهر ما علمناه، ومثله: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ 47: 31 [1] أي نعلم ذلك واقعا.
وَقَالَ بعض العلماء: حتى يعلم أنبياؤنا والمؤمنون [به] [2] . وَقَالَ في قوله: إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً 4: 76 [3] أي أضعف له، وقد أخرج آدم وأزل خلقا! وهذا تغفل منه، لأن كيد إبليس تسويل بلا حجة والحجج ترده، ولهذا كَانَ ضعيفا، فلما مالت الطباع إليه آثر وفعل.
وَقَالَ: من لم يقم بحساب ستة تكلم بها في الجملة فلما صار إلى التفاريق وجدناه قد غلط فيها [باثنين] [4] وهو قوله: خَلَقَ الْأَرْضَ في يَوْمَيْنِ 41: 9 [5] ، ثم قَالَ: وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ 41: 10 [6] ثم قال: فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ في يَوْمَيْنِ 41: 12 [7] ، فعدها هذا المغفل ثمانية ولو نظر في أقوال العلماء لعلم أن المعنى في تتمة أربعة أيام.
وَقَالَ: في قوله: إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى 20: 118 [8] وقد جاع وعري! وهذا المغفل الملعون ما فهم أن الأمر مشروط بالوفاء بما عوهد عليه من قوله: وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا من الظَّالِمِينَ 2: 35 [9] .
وَقَالَ في قوله: وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً [أَنْ يَفْقَهُوهُ] 6: 25 [10] ثم قال: وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو 18: 58

الرَّحْمَةِ 18: 58 [1] فأعظم الخطوب ذكره الرحمة مضموما إلى [2] إهلاكهم! وهذا الأبله الملعون ما علم أنه لما وصف نفسه بالمعاقبة للمذنبين فانزعجت القلوب [3] ضم إلى ذلك ذكر الرحمة بالحلم عن العصاة والإمهال والمسامحة في أكثر الكسب.
قَالَ: [ونراه] [4] يفتخر بالمكر والخداع! وهذا المسكين الملعون قد نسب المعنى إلى الافتخار! ولا يفهم [5] أن معنى مكره جزاء الماكرين.
قَالَ الملعون: ومن الكذب قوله: وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ 7: 11 [6] وهذا كَانَ قبل تصوير آدم! وهذا الأحمق الملعون [لو طالع أقوال العلماء وفهم سعة اللغة علم أن المعنى خلقنا آدم وصورناه كقوله: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ 69: 11 [7] .
وقال:] [8] ضمن فاحش ظلمه قوله: كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها 4: 56 [9] فعذب جلودا لم تعصه! وهذا الأحمق الملعون لا يفهم أن الجلد ألة للتعذيب، فهو كالحطب يحرق لإنضاج غيره، ولا يقال إنه معذب، وقد قَالَ العلماء: إن الجلود الثانية هي الأولى أعيدت كما يعاد الميت [10] بعد البلى.
قال: وقوله: لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ 5: 101 [11] وإنما يكره [12] السؤال رديء السلعة لئلا تقع عليه عين التاجر فيفتضح، فانظروا إلى عامية هذا الأحمق الملعون وجهله، أتراه قَالَ: لا تسألوا عن الدليل على صحة قولي؟ إنما كانوا يسألون فيقول قائلهم: من أبى؟ فقال: لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ 5: 101 يعنى من هذا الجنس، فربما قيل للرجل أبوك فلان وهو غير أبيه الّذي يعرف فيفتضح.
قَالَ: ولما وصف الجنة، قَالَ: فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ 47: 15 [1] وهو الحليب، ولا يكاد يشتهيه إلا الجياع [2] ، وذكر العسل ولا يطلب صرفا، والزنجبيل وليس من لذيذ الأشربة، والسندس يفرش ولا يلبس [3] ، وكذلك الاستبرق الغليظ، قَالَ: ومن تخايل أنه في الجنة يلبس هذا الغليظ ويشرب الحليب والزنجبيل صار كعروس الأكراد والنبط، فانظروا إلى لعب هذا الملعون المستهزئ وجهله! ومعلوم أن الخطاب إنما هو للعرب وهم يؤثرون ما وصف، كما قَالَ: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ 56: 28- 29 [4] ، ثم إنما وصف [5] أصول الأشياء المتلذذ [بها، فالقدرة] [6] قد تكون [7] من اللبن أشياء كالمطبوخات وغيرها ومن العسل [أشياء] [8] يتحلى بها، ثم قَالَ عز وجل: وَفِيها مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ [وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ] [9] 43: 71 وَقَالَ: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر [10] فوصف ما يعرف ويشتهى وضمن ما لا يعرف، وَقَالَ: إنما أهلك ثمودا لأجل ناقة، وما قدر ناقة؟ وهذا جهل منه الملعون [فإنه] [1] إنما أهلكهم لعنادهم وكفرهم في مقابلة المعجزة، لا لإهلاك ناقة.
قَالَ: وَقَالَ: يَا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا من رَحْمَةِ الله 39: 53 [2] ، ثم قَالَ: لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ 40: 28 [3] . ولو فهم أن الإسراف الأول في الخطايا دون الشرك، والثاني في الشرك، وما يتعلق بكل آية يكشف معناها. قَالَ: ووجدناه يفتخر بالفتنة التي ألقاها بينهم كقوله: وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ 6: 53 [4] وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ من قَبْلِهِمْ 29: 3 [5] ، ثم أوجب للذين فتنوا المؤمنين عذاب الأبد! وهذا الجاهل الملعون لا يدري أن الفتنة [كلمة] [6] يختلف معناها في القرآن، فالفتنة معناها: الابتلاء،. كالآية الأولى، والفتنة الإحراق كقوله: فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ 85: 10 [7] .
وقال: وقوله: وَلَهُ أَسْلَمَ من في السَّماواتِ وَالْأَرْضِ 3: 83 [8] خبر محال، لأنه ليس كل الناس مسلمين، وكذلك قوله: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ 17: 44 [9] وقوله: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما في السَّماواتِ وَما في الْأَرْضِ 16: 49 [10] ، ولو أن هذا الزنديق الملعون طالع التفسير وكلام العرب لما قَالَ هذا، إنما يتكلم بعاميته وحمقه [1] ، وإنما المعنى وله [أسلم] [2] استسلم والكل منقاد لما قضى به وكل ذليل لأمره، وهو معنى السجود، ثم قد تطلق العرب لفظ الكل وتريد البعض كقوله: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ 46: 25 [3] .
[وقد] [4] ذكر الملعون أشياء من هذا الجنس مزجها بسوء الأدب، [5] والانبساط القبيح، والذكر للخالق سبحانه وتعالى بما لا يصلح أن يذكر به أحد العوام، وما سمعنا أن أحدا عاب الخالق وانبسط كانبساط هذا اللعين قبله ويلومه لو جحد الخالق كَانَ أصلح له من أن يثبت وجوده، [ثم يخاصمه] [6] ويعيبه وليس له في شيء مما قاله شبهة، فضلا عن حجة فتذكر ويجاب عنها، وإنما هو خذلان فضحه الله تعالى به في الدنيا، والله تعالى يقابله يوم القيامة مقابلة تزيد على مقابلة إبليس، وإن خالف، لكنه احترم في الخطاب كقوله: فَبِعِزَّتِكَ 38: 82 [7] ولم يواجه بسوء أدب كما واجه هذا اللعين، جمع الله بينهما، وزاد هذا من العذاب.
وقد حكينا عن الجبائي ان ابن الريوندي مرض ومات، ورأيت بخط ابن عقيل أنه صلبه بعض السلاطين [والله اعلم] [8] . وَقَالَ ابن عقيل: ووجدت في تعليق محقق [9] من أهل العلم: أن ابن الريوندي مات وهو ابن ست وثلاثين سنة [10] ، مع ما انتهى إليه من التوغل في المخازي لعنه الله وشدد عذابه [11] .








مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید