المنشورات

أبا طاهر الهجري دخل إلى الرحبة، فوضع السيف في أهلها

 وأن أهل قرقيسيا طلبوا منه الأمان فأمنهم، ونادى فيهم أن لا يظهر أحد بالنهار وأنفذ أَبُو طاهر سرية إلى الأعراب، فقتل منهم مقتلة عظيمة، فصاروا إذا سمعوا به هربوا، وقصد الرقة وقتل بها جماعة، ثم انصرف إلى بلده. ولما رأى عَلي بْن عيسى تحكم الهجري في البلاد وعجز السلطان عنه استعفى من الوزارة، وكانت مدة وزارته هذه سنة وأربعة أشهر ويومين.
وَكَانَ المقتدر باللَّه يتشوف إلى معرفة خبر الهجري، ولم يكن أحد يكاتبه بشيء من أخباره إلا الحسن بْن إسماعيل الإسكافي عامل الأنبار، فإن كتبه كانت ترد في كل أيام إلى عَلي بْن عيسى، فينهيها فأقام أَبُو عَلي بْن مقلة أطيارا وكوتب عليها بأخبار الهجري وقتا فوقتا، وَكَانَ ينفذها إلى نصر الحاجب، فيعرضها، فجعل نصر الحاجب [1] يطري ابن مقلة ويقول للمقتدر إذا كانت هذه مراعاته بأمورك ولا تعلق له بخدمتك، فكيف إذا اصطنعته وتستوزره.
ولما رجع أَبُو طاهر القرمطي إلى بلده بنى دارا وسماها دار الهجرة، ودعا إلى المهدي، وتفاقم أمره وكثر أتباعه، وحدثته نفسه بكبس الكوفة، وهرب عمال السلطان في السواد، وَكَانَ أصحابه يكبسون القرى فيقتلون وينهبون، فبعث المقتدر إلى محاربتهم هارون بْن غريب إلى واسط، وصافي البصري إلى الكوفة فقتل هارون منهم جماعة، وحمل مائة وسبعين رأسا وجماعة أسارى، وأوقع صافي بمن خرج إليه واستأسر منهم وأدخلوا بغداد على الجمال مشتهرين ومعهم أعلام بيض منكسة، وعليها مكتوب وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ 28: 5 [1] الآية فقتلوا واستقام أمر السواد.
وزادت دجلة بغتة زيادة مفرطة قطعت الجسور ببغداد وغرق من الجسارين جماعة، وبلغت زيادة الفرات اثني عشر ذراعا وثلاثين.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید