المنشورات

في ربيع الأول بلغ الوزير أبا علي ابن مقلة أن رجلا يعرف بابن شنبوذ يغير حروفا من القرآن

فاستحضره [واستحضر] [2] القاضي أبا الحسين عمر بْن مُحَمَّد، وأبا بكر بْن مجاهد، ونوظر بحضرة الوزير فأغلظ القول بمناظرته [3] ، فضرب بين الهنبازين سبع درر، فدعا عَلي ابن مقلة أن تقطع يده ويشتت شمله، ثم عرضت عليه الحروف التي قرأ بها فأنكر ما كَانَ شنيعا، وَقَالَ: فيما سوى ذلك قد قرأ به قوم، وذلك مثل قوله:
«فامضوا إلى ذكر الله» «كالصوف المنفوش» [4] «يأخذ كل سفينة صالحة غصبا» [فاستتابوه] [5] فتاب وكتب خطه بذلك، فحمل إلى المدائن [في الليل ليقيم بها أياما] [6] ثم يدخل منزله مستخفيا ولا يظهر لئلا تقتله العامة، وقيل: إنه نفي إلى البصرة، ثم إلى الأهواز فمات بها.
وفى يوم السبت لثلاث عشرة خلت من ربيع الأول [7] طالب الجند بأرزاقهم وشغبوا، وزاد الأمر في هذا، وحملوا السلاح، وضربوا مضاربهم في رحبة باب العامة وحاصروا الدار، ثم سكنوا.
وفى يوم السبت لعشر خلون من جمادى الآخرة، ركب بدر الخرشني [1] صاحب الشرطة، فنادى ببغداد في الجانبين في أصحاب أبي مُحَمَّد البربهاري [أن لا يجتمع منهم نفسان في موضع، وحبس منهم جماعة، واستتر البربهاري] [2] .
وفى شهر آيار اتصلت الجنوب، وعظم الحر، وغلظ الغيم، وتكاثف، فلما كَانَ آخر يوم منه وهو يوم الأحد لخمس بقين من جمادى الآخرة بعد الظهر هبت ريح عظيمة لم ير مثلها وأظلمت واسودت إلى بعد العصر، ثم خفت، ثم عاودت إلى وقت عشاء الآخرة [3] .
وفى جمادى الآخرة عاد الجند فشغبوا وطالبوا بالرزق، ونقبوا دار الوزير ودخلوها فملكوها.
وفى رمضان ذكر للوزير أن رجلا في بعض الدور الملاصقة للزاهر يأخذ البيعة على الناس لإنسان لا [4] يعرف، ويبذل لهم الصلة، فتوصل إلى معرفته فعرف، وعلم أنه قد أخذ البيعة لجعفر بْن المكتفي، وأن جماعة من القواد قد أجابوا إلى ذلك، منهم يانس، فقبض على الرجل ومن قدر عليه من جماعته، وقبض على جعفر ونهب منزله.
وفي هذا الشهر [5] : وقع حريق عظيم في الكرخ في طرف البزازين [6] ، فذهبت فيه أموال كثيرة للتجار، فأطلق لهم الراضي ثلاثة آلاف دينار.
وخرج الناس للحج في هذه السنة ومعهم لؤلؤ غلام المتهشم يبذرقهم، فاعترضه أَبُو طاهر بْن أبي سعيد الجنابي ولم يكن عند لؤلؤ خبر منه، وإنما ظنه بعض الأعراب، فحاربه فانهزم لؤلؤ وبه ضربات، وأكثر أَبُو طاهر القتل في الحاج ونهب، ورجع من سلم إلى بغداد، وبطل الحج في هذه السنة، وكانت الوقعة بينه وبين لؤلؤ في سحر يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة خلت من ذي القعدة.
وفى هذه الليلة بعينها: انقضت النجوم ببغداد من أول الليل إلى آخره. وبالكوفة أيضا انقضاضا مسرفا لم يعهد مثله ولا ما يقاربه.
وغلا السعر في هذه السنة، فبلغ الكر الحنطة مائة وعشرين دينارا.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید