المنشورات

عمر بْن أبي عمر مُحَمَّد بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بْن زيد بْن درهم، أَبُو الحسين الأزدى

ناب عن أبيه في القضاء وهو ابن عشرين سنة، ثم توفي أبوه وهو على القضاء [4] ، وَكَانَ حافظا للقرآن والفقه على مذهب مالك والفرائض والحساب واللغة والنحو والشعر والحديث، وأقر على القضاء، ثم جعل قاضي القضاة إلى آخر عمره، وصنف مسندا، ورزق قوة الفهم، وجودة القريحة، وشرف الأخلاق.
قَالَ أَبُو الْقَاسِم بْن برهان النحوي: كَانَ عدد الشهود في زمان قاضي القضاة أبي الحسين بْن قاضى القضاة أبي عمر ألف وثمانمائة شاهد، ليس فيهم من شهد إلا بفضيلة محضة في دين، أو علم، أو مال، أو شرف.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد، قال: أخبرنا أحمد بن على، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الصَّمَدِ بْن مُحَمَّد بْن [1] مُحَمَّد بْن نصر قَالَ: قَالَ لنا إسماعيل [2] بْن سعيد المعدل: كَانَ أَبُو عمر القاضي، يقول: ما زلت مروعا من مسأله تجيئني من السلطان حتى نشأ أَبُو الحسين ولدي.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن، قال: أخبرنا أحمد بن علي أخبرنا التنوخي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّهِ النصيبي، أن جعفر بْن ورقاء حدثهم، قَالَ: عدت من الحج أنا وأخي [3] فتأخر عن تهنئتي [4] القاضي أَبُو عمر وابنه أَبُو الحسين، فكتبت إليهما:
أأستجفي أبا عمر وأشكو ... وأستجفي فتاه أبا الحسين
بأي قضية وبأي حكم ... الحّا في قطيعة واصلين
فما جاءا ولا بعثا بعذر ... ولا كانا لحقى موجبين
فإن نمسك ولا نعتب تمادى ... جفاؤهما لأخلص مخلصين
وإن نعتب فحق غير أنا ... نجل عن العتاب القاضيين
فوصلت الأبيات إلى أبي عمر، وهو على شغل، فأنفذها إلى أبي الحسين، وأمره بالجواب عنها، فكتب إلي:
تجن واظلم فلست منتقلا ... عن خالص الود أيها الظالم
ظننت بي جفوة عتبت لها ... فخلت أنى لحبلكم صارم
حكمت بالظن والشكوك ولا ... يحكم بالظن فالهوى حاكم
تركت حق الوداع مطّرحا ... وجئت تبغي زيارة القادم
أمران لم يذهبا على فطن [1] ... وأنت بالحكم فيهما عالم
وكل هذا مقال ذي ثقة ... وقلبه من جفائه سالم
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن/ [بن محمد] [2] ، قال: أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت] [3] ، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو الطيب الطبري، قَالَ سمعت [4] المعافى بْن زكريا، يقول:
كنت أحضر مجلس أبي الحسين بْن أبي عمر يوم النظر، فحضرت يوما أنا وجماعة من أهل العلم في الموضع الذي جرت العادة بجلوسنا فيه ننتظره حتى يخرج، قَالَ: فدخل أعرابي لعل له حاجة إليه، فجلس بقربنا، فجاء غراب فقعد على نخلة في الدار وصاح، ثم طار، فَقَالَ الأعرابي: هذا الغراب يقول: بأن صاحب هذه الدار يموت بعد سبعة أيام، قَالَ: فصحنا عليه وزبرناه فقام وأنصرف، واحتبس خروج أبي الحسين، وإذا قد خرج إلينا غلام، فقال: القاضي يستدعيكم، قَالَ: فقمنا ودخلنا إليه، وإذا به متغير اللون منكسر البال مغتم، فَقَالَ: اعلموا أني أحدثكم بِشَيْءٍ قد شغل قلبي، وهو أني رأيت البارحة في المنام شخصا وهو يقول:
منازل آل حماد بْن زيد ... على أهليك والنعم السلام
وقد ضاق لذلك صدري، قَالَ: فدعونا له وانصرفنا، فلما كَانَ اليوم السابع من ذلك اليوم دفن رحمه الله.
أخبرنا عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن عَلي، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن المحسن، قَالَ: أَخْبَرَنَا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: توفي قاضي القضاة- يعني أبا الحسين عمر بْن مُحَمَّد بْن يُوسُف- في يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وصلى عليه ابنه أَبُو نصر، ودفن إلى جانب أبي عمر في دار إلى جانب داره.
قَالَ أَبُو بكر الصولي: كَانَ هذا القاضي عمر بْن مُحَمَّد قد بلغ من العلوم مبلغا عظيما، وقرأ على من كتب اللغة والأخبار ما يقارب عشرة آلاف ورقة، وتوفي ابن سبع وثلاثين سنة، ووجد عليه الراضي وجدا شديدا حتى كَانَ يبكي بحضرتنا، وَقَالَ: كنت أضيق بالشيء ذرعا، فيوسعه عَلي، وَكَانَ يقول لا بقيت بعده.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید