المنشورات

علي بن محمد بن أبي الفهم، أبو القاسم التنوخي، جد أبي القاسم التنوخي الذي يروى عنه أبو بكر الخطيب

ولد بأنطاكية في ذي الحجة من سنة ثمان وسبعين ومائتين، وقدم بغداد في حداثته فتفقه بها على مذهب أبي حنيفة، وسمع من البغوي وغيره، وكان يعرف الكلام على مذهب المعتزلة [وكان] [4] يعرف النحو ويقول الشعر، ولي القضاء بالأهواز وتقلد قضاء إيذج من قبل المطيع.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بْن ثابت، أَخْبَرَنَا التنوخي قَالَ: أَخْبَرَنَا أبي قال: [حدثنا أبي قال] [1] سمعت أبي ينشد يوما ولي إذ ذاك خمسة عشر سنة بعض قصيدة دعبل [بن علي] [2] الطويلة التي يفخر فيها باليمن ويعدد مناقبهم، ويرد على الكميت فيها فخره بنزار وأولها:
أفيقي من ملامك يا ظعينا ... كفاك اللوم مر الأربعينا
وهي نحو ستمائة بيت، فاشتهيت حفظها لما فيها من مفاخر أهل اليمن، فقلت:
يا سيدي، ادفعها إلى حتى أحفظها، فدافعني فألححت عليه، فقال: كأني بك تأخذها فتحفظ منها خمسين بيتا أو مائة بيت/ ثم ترمي بالكتاب وتخلقه على فقلت: ادفعها إليَّ فأخرجها وسلمها إلي وقد كان لكلامه أثر في، فدخلت حجرة لي كانت برسمي في داره، فخلوت فيها ولم أتشاغل يومى وليلتي بشيء غير [3] حفظها، فلما كان في السحر كنت [قد] [4] فرغت من جميعها، وأتقنتها فخرجت إليه غدوة على رسمي، فجلست بين يديه فقال: هي كم حفظت من قصيدة دعبل؟ فقلت: حفظتها بأسرها. فغضب وَقَدَّرَ أني كَذَبْتُهُ، وقال: هاتها! فأخرجت الدفتر من كمي وفتحه، فنظر فيه وأنا أنشد، إلى أن مضيت من أكثر من مائة بيت فصفح منها عدة أوراق وقال أنشد من ها هنا فأنشدت مقدار مائة بيت فصفح إلى أن قارب آخرها بمائة بيت قال: أنشد من ها هنا.
فأنشدته من مائة بيت منها [5] إلى آخرها فهاله ما رآه من حسن حفظي، فضمني إليه وقبل رأسي وعيني. وقال: يا بني، لا تخبر بهذا أحدا، فأني أخاف عليك [من العين] [6] .
وقال أيضا: حفظني أبي [7] وحفظت بعده من شعر أبي تمام والبحتري سوى ما كنت أحفظه لغيرهما من المحدثين والقدماء مائتي قصيدة، قال: وكان [يقول] [8] أبي وشيوخنا بالشام من حفظ للطائيين أربعين قصيدة ولم يقل الشعر فهو حمار في مسلاخ [1] إنسان. فقلت الشعر وسني دون العشرين. توفي في ربيع الأول من هذه السنة.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید