المنشورات

محمد بن علي بن أحمد بن رستم، أبو بكر الماذرائي الكاتب

ولد بالعراق سنة سبع [11] وخمسين ومائتين، وقدم مصر هو وأخوه أحمد، وكانا بمصر مع أبيهما، وكان أبوهما يلي خراج مصر لأبي الحسن خمارويه بن أحمد، وكان محمد قد كتب الحديث ببغداد عن أحمد بن عبد الجبار العطاردي، وطبقته، واحترقت كتبه وبقي من مسموعه شيء عند بعض الكتاب فسمع منه.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت أخبرنا [1] علي بن المحسن قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو محمد الصلحي قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ الماذرائي بمصر وكان شيخا جليلا عظيم المال والجاه والمجد، قديم الولاية لكبار الأعمال، قد وزر لخمارويه بن أحمد بن طولون، وعاش نيفا وتسعين سنة. قال: كتبت لخمارويه بن أحمد [2] وأنا حدث فركبتني الأشغال وقطعني ترادف الأعمال عن تصفح أحوال المتعطلين وتفقدهم، وكان ببابي شيخ من مشيخة الكتاب قد طالت عطلته، فأغفلت أمره [3] فرأيت أبي في منامي وكأنه يقول لي: ويحك [4] يا بني أما تستحي من الله أن تتشاغل بلذاتك وأعمالك [5] والناس يَتْلَفُونَ ببابك صبرًا وهزلا! هذا فلان من/ شيوخ الكتاب قد أفضى [6] أمره إلى أن تقطع سراويله، فما يمكنه أن يشتري بدله، وهو كالميت جوعا وأنت لا تنظر في أمره، أحب أن لا يغفل أمره أكثر من هذا، قال: فانتبهت مذعورا واعتقدت الإحسان إلى الشيخ [ونمت] [7] وأصبحت وقد أنسيت أمر الشيخ، فركبت إلى دار [8] خمارويه وأنا والله أسير إذ تراءى لي الرجل على دويبة ضعيفة، ثم أومأ إلى الرجل فانكشف فخذه، فإذا هو لابس خفا بلا سراويل، فحين وقعت عيني على ذلك ذكرت المنام، وقامت قيامتي، فوقفت في موضعي واستدعيته، وقلت: يا هذا، ما حل لك أن تركت أذكاري بأمرك أما كان في الدنيا من يوصل لك رقعة، أو يخاطبني فيك؟ الآن قد قلدتك الناحية الفلانية، وأجريت عليك رزقا في كل شهر، وهو مائتا دينار، وأطلقت لك من خزانتي ألف دينار صلة ومعونة على الخروج إليها، وأمرت لك من الثياب بكذا وكذا، فاقبض ذلك واخرج، وإن حسن أثرك في تصرفك زدتك وفعلت بك وصنعت قال: وضممت إليه غلاما يتنجز له ذلك كله، ثم سرت فما انقضى اليوم حتى حسن حاله، وخرج إلى عمله.
وتوفي محمد بن علي [1] الماذرائي في شوال هذه السنة.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید