المنشورات

محمد بن جعفر بن محمد بن فضالة بن زيد بن عبد الملك، أبو بكر الآدمي القارئ الشاهد صاحب الألحان

كان من أحسن الناس صوتا بالقرآن، ولد في رجب سنة ستين ومائتين، وحدّث عن أحمد بن عبيد ابن ناصح، والحارث بن محمد [9] بن أبي أسامة، وعبد الله بن أحمد:
الدورقي [1] ، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة [2] وغيرهم. وروى عنه ابن رزقويه [3] ، وابن شاذان، وابن بشران، وغيرهم.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا علي بن المحسن [4] أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله الأسدي قال: سمعت أبي يقول: حججت في بعض السنين، وحج في تلك السنة أبو القاسم البغوي، وأبو بكر الآدمي القارئ، فلما صرنا بمدينة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاءني أبو القاسم البغوي فقال لي: يا أبا بكر ها هنا رجل ضرير قد جمع حلقة/ في مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقعد يقص [5] [ويروي] الكذب من الأحاديث الموضوعة والأخبار المفتعلة [6] ، فإني رأيت أن تمضي بنا إليه لننكر عليه ونمنعه، فقلت له: يا أبا القاسم، إن كلامنا ها هنا [7] لا يؤثر مع هذا الجمع الكثير، والخلق العظيم، ولسنا ببغداد، فيعرف لنا موضعنا، ولكن ها هنا أمر آخر هو الصواب، فأقبلت علي أبي بكر الآدمي فقلت له: استعذ باللَّه [8] واقرأ، فما هو إلا أن ابتدأ بالقراءة [9] حتى انجلفت [10] [الحلقة] [11] وانفض الناس جميعا، فأحاطوا بنا يسمعون قراءة أبي بكر الآدمي [12] وتركوا الضرير وحده، فسمعته يقول لقائده: خذ بيدي هكذا تزول النعم.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدٍ] [1] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ [2] قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بن المحسن قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو محمد يحيى بن محمد بن فهد قال: حدثني ذرة [3] الصوفي قال: كنت بائتا بكلواذي [4] على سطح عال، فلما هدأ الليل قمت لأصلي، فسمعت صوتا ضعيفا يجيء من بعد فأصغيت إليه وتأملته [5] ، فإذا هو صوت لأبي بكر الآدمي القارئ، فقدرته منحدرا في دجلة، وأصغيت فلم أجد الصوت يقرب ولا يزيد على ذلك القدر [6] ساعة ثم انقطع، فشككت في الأمر، وصليت ونمت، وبكرت فدخلت بغداد على ساعتين من النهار أو أقل، وكنت مجتازا في السمارية، فإذا بأبي بكر الآدمي ينزل إلى الشط من دار أبي عبد الله الموسوي العلوي التي تقرب من فرضة جعفر على دجلة، فصعدت إليه وسألته عن خبره، فأخبرني بسلامته وقلت: أين كنت البارحة؟ فقال: / في هذه الدار. فقلت: قرأت؟ قال: نعم.
قلت: أي وقت؟ قال: بعد نصف الليل إلى قريب من الثلث الآخر قال: فنظرت فإذا هو الوقت الذي سمعت فيه صوته بكلواذي، فعجبت من ذلك عجبا شديدا بان له في فقال:
مالك؟ فقلت: إني سمعت صوتك البارحة وأنا على سطح بكلواذي، وتشككت، فلولا أنك أخبرتني الساعة على غير اتفاق ما صدقته [7] . قال: فاحكها عني، فأنا أحكيها دائما.
توفي أبو بكر الآدمي يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من ربيع الأول، ودفن في هذا اليوم في الصفة التي بحذاء قبر معروف الكرخي [8] .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد [9]
قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: قال محمد بن أبي الفوارس: سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة فيها مات [محمد بن جعفر] أَبُو بَكْر [1] الآدمي وكان قد خلط فيما حدث [به] [2] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ [3] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي قال: حدثني علي بن أبي علي المعدل، أخبرنا أبو بكر بن أبي موسى القاضي، وأبو إسحاق الطبري، وغيرهما قالوا: سمعنا أبا جعفر عبد الله بن إسماعيل بن بويه يقول: رأيت أبا بكر الآدمي في النوم بعد موته بمديدة فقلت لَهُ [4] مَا فعل اللَّه بك؟ فَقَالَ لي: وقفني بين يديه، وقاسيت شدائد وأمورا صعبة. فقلت له: فتلك الليالي والمواقف والقرآن؟ فقال: ما كان شيء أضر على منها، لأنها كانت للدنيا. فقلت له: فإلى أي شيء انتهي أمرك؟ قال: قال لي الله عزَّ وجل [5] آليت على نفسي أن لا أعذب أبناء الثمانين.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید