المنشورات

ورود الدمستق إلى حلب بغتة

وورد الخبر بأن الدمستق ورد إلى حلب بغتة، ولم يعلم سيف الدولة، فخرج إليه وحاربه فانهزم سيف الدولة، وظفر بداره وهي خارج حلب، فوجد فيها ثلاثمائة وتسعين بدرة دراهم، فأخذها ووجد له ألف وأربعمائة بغل فأخذها، وأخذ من خزائن السلاح ما لا يحصى، وأحرق الدار وملك الربض، فقاتله أهل حلب من وراء السور، فقتل من الروم خلق كثير بالحجارة والمقاليع [3] ، وسقطت ثلمة من السور على أهل حلب، فقتلتهم فطمع الروم في تلك الثلمة فأكبوا عليها، ودفعهم أهل البلد عنها، فلما جن عليهم الليل [4] اجتمع المسلمون عليها فبنوها، وفزعوا منها، وعلوا عليها فكبروا، ثم إن رجالة الشرط بحلب مضوا إلى منازل الناس وخانات التجار لينهبوها، فقيل للناس: الحقوا منازلكم، فإنها قد نهبت، فنزلوا عن السور وأخلوه، ومضوا إلى منازلهم ليدفعوا عنها، فلما رأي الروم السور خاليا تجاسروا على أن يصعدوه، وأشرفوا على البلد فرأوا الفتنة فيه [5] ، وأن بعضهم ينهب بعضا، فنزلوا وفتحوا الأبواب ودخلوا،وثلموا السور في عدة مواضع، ووضعوا في الناس السيف، فقتلوا كل من لقيهم، ولم يرفعوا السيف حتى ضجروا، وكان في البلد ألف ومائتا رجل أسارى الروم فتخلصوا، وكان سيف الدولة قد أخذ من الروم سبعمائة إنسان ليفادى بهم، فأخذهم الدمستق، وسبي من البلد من المسلمين بضعة عشر ألف صبي وصبية، وأخذ من النساء والسبايا [1] ما أراد ومن خزائن سيف الدولة وأمتعة التجار ما لا يحاط بقيمته، فلما لم يبق معه ما يحمل عليه أحرق الباقي، وأخرب المساجد، وعمد إلى جباب الزيت فصب فيها الماء حتى فاض الزيت وشربته الأرض، وأقام في البلد تسعة [2] أيام، وكان معه مائتا ألف رجل/ فيهم ثلاثون ألفا بالجواشن [3] ، وثلاثون ألفا من صناع الهدم، وأربعة آلاف بغل عليها حسك حديد يطرحه حول العسكر [4] بالليل، وخركاهات ملبسة لبودًا أحمر لدوابه، فلما همَّ أن ينصرف، قال له ابن أخت الملك: قد فتحنا هذا البلد وقد [5] بقيت القلعة، فقال: بلغنا ما لم نكن نظنه [فدع القلعة] [6] فسكانها غزاة، قال: لا بد قال: شأنك، فصعد فوقع عليه حجر فمات، فلما أتى به الدمستق أحضر مَنْ كان معه من أسارى المسلمين، وكانوا ألفين ومائتين، فضرب أعناق الجميع [7] .
وفي رمضان: سقط روشن من دار الوزير أبي محمد المهلبي إلى دجلة، وكان عليه جماعة من وجوه الدولة، منهم أبو إسحاق محمد بن أحمد القراريطي فانكسرت فخذه، فحمل وجبرت فصلحت، وأما [8] ابن حاجب النعمان فإن نخاع [9] ظهره انقطع، فحمل على سريره [10] ، فأقام عليلًا إلى الجمعة الثانية ومات.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید