المنشورات

الحسن بن محمد بن هارون، أبو محمد المهلبي

من ولد المهلب بن أبي صفرة، استوزره معز الدولة أبو الحسين [أحمد] [2] بن بويه، فبقي في وزارته ثلاث عشرة سنة وثلاثة أشهر، وكان يقول الشعر الحسن، وفيه الأدب [الوافر] [3] وكان يطرب على اصطناع الرجل ويهاج لذلك، وكان له الحلم والأناة.
روى أبو إسحاق الصاغاني، قال: صاغ الوزير أبو محمد المهلبي دواة ومرفعًا وحلاهما حلية ثقيلة، وكانت طول ذراع وكسر في عرض شبر، فقدمت بين يديه، وأبو أحمد الفضل بن عبد الرحمن الشيرازي جالس عن يمينه وأبا أحمد [4] جالس إلى جنبه، فتذاكرنا سرًا حُسنَ الدواة، فقال أبو أحمد: ما كان أحوجني إليها/ لأبيعها فانتفع بثمنها، فقلت: فأي شيء يعمل الوزير؟ قال: يدخل في خزانته [5] وسمع الوزير ما جرى بيننا بإصغائه إلينا، ثم اجتمعت بأبي أحمد من الغد، فقال لي: عرفت خبر الدواة؟
قلت: لا قال: فإنه جاءني البارحة رسوله ومعه الدواة، ومرفعها ومنديل، وعشر قطع وخمسة آلاف درهم وقال: الوزير يقول لك أنا عارف بقصور المواد عنك، وتضاعف المؤن عليك، وقد آثرتك بهذه الدواة لما ظننت من استحسانك لها، وجعلت معها ما تكتسي به وتصرفه في بعض نفقتك. فبقيت متعجبا من اتفاق ما تجارينا فيه [6] وحدث هذا على أثره.
وتقدم الوزير بصناعة [7] دواة أخرى فصنعت [8] ، ودخلنا إلى مجلسه وقد تركت [1] بين يديه وهو يوقع منها، فنظر إلي وإلى أبي أحمد ونحن نلحظها فقال: هيه، من منكما يريدها على الإعفاء من الدخول؟ فاستحيينا، وعلمنا أنه كان قد سمع قولنا، وقلنا: بل يمتع الله الوزير [منها] [2] ويبقيه ليهب ألفا منها.
توفي أبو محمد المهلبي في هذه السنة عن أربع وستين سنة، ودفن في مقابر قريش.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید