المنشورات

محمد بن الحسن بن يعقوب بن الحسن بن الحسين بن مقسم، أبو بكر العطار المقرئ

ولد سنة خمس وستين ومائتين، وسمع أبا مسلم الكجي، وثعلبًا وإدريس بن عبد الكريم [الحداد] [7] وغيرهم، روى عنه ابن رزقويه [8] ، وابن شاذان، وغيرهما، وكان ثقة من أعرف الناس بالقراءات [9] وأحفظهم لنحو الكوفيين، وله في معاني القرآن كتاب سماه: «كتاب الأنوار» وما رأيت مثله، وله تصانيف عدة/ ولم يكن له عيب إلا أنه قرأ بحروف تخالف الإجماع، واستخرج لها وجوها من اللغة والمعني، مثل ما ذكر في [كتاب] [1] «الاحتجاج» للقرافي [في] [2] قوله تعالى: (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا) 12: 80 [3] فقال: لو قرئ خلصوا نجبا بالباء لكان جائزا، وهذا مع كونه يخالف الإجماع بعيد [من] [4] المعني، إذ لا وجه للنجابة عند يأسهم من أخيهم، إنما اجتمعوا يتناجون [5] ، وله من هذا الجنس من تصحيف الكلمة، واستخراج وجه بعيد لها، مع كونها لم يقرأ بها كثير، وقد أنكر العلماء هذا عليه، وارتفع الأمر إلى السلطان، فأحضره واستتابه بحضرة الفقهاء والقراء فأذعن [6] بالتوبة، وكتب محضر بتوبته، وأشهد [7] عليه جماعة ممن حضر، وقيل: إنه لم ينزع عن تلك الحروف، وكان يقرئ بها إلى أن مات.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد [8] [القزاز] [9] أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي، أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد المقرئي، أخبرنا أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم. قال: وقد نبغ نابغ في عصرنا هذا فزعم أن كل ما صح عنده وجه في العربية لحروف من القرآن يوافق خط المصحف، فقراءته جائزة في الصلاة، فابتدع بقوله ذلك بدعة ضل بها عن قصد السبيل، وأورط نفسه في مزلة عظمت بها جنايته على الإسلام وأهله، وحاول إلحاق كتاب الله من الباطل ما لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه، إذ جعل لأهل الإلحاد في دين الله بسيّء رأيه طريقًا إلى مغالطة أهل الحق بتخير القراءات من جهة البحث والاستخراج بالآراء دون التمسك بالأثر، وقد كان أبو بكر شيخنا نشله من بدعته المضلة باستتابته منها، وشهّد عليه الحكام والشهود والمقبولين عند الحكام بترك ما أوقع [1] نفسه فيه من الضلالة بعد أن سئل البرهان على صحة ما ذهب إليه، فلم يأت بطائل، ولم تكن حجته قوية ولا ضعيفة، فاستوهب أبو بكر تأديبه [2] من السلطان عند توبته، ثم عاود في وقتنا هذا إلى ما كان ابتدعه واستغوى من أصاغر المسلمين ممن هو في الغفلة والغباوة، ظنا منه أن ذلك يكون للناس دينًا، وأن يجعلوه فيما ابتدعه إمامًا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي [بن ثابت] [3] قال: حدثني أبو بكر أحمد بن محمد [المستملي] [4] قال: سمعت [أبا] [5] أحمد الفرضي غير مرة يقول: رأيت في المنام كأني في المسجد الجامع أصلي مع الناس، وكأن ابن مقسم قد ولي ظهره القبلة، وهو يصلي مستدبرها، فأولت ذلك مخالفته الأئمة فيما اختاره من القراءات. توفي أبو بكر بن مقسم يوم الخميس لثمان خلون من ربيع الآخر من هَذِهِ السنة.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید