المنشورات

ورد [الخبر] [1] في المحرم سنة أربع من المدينة أن أهل العراق

وخراسان، والكوفة، والبصرة بلغوا سميرا فرأوا هلال ذي الحجة على نقصان/ من ذي القعدة، وعرفوا أن لا ماء في الطريق من فيد إلى مكة، إلا صُبَابَةٌ لا يقوم بهم وبجمالهم، فعدلوا إلى بطن نخل يطلبون مدينة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فوصلوا إليها يوم الجمعة سادس ذي الحجة، فبركت الجمال ولم تنهض، فعرفوا في المسجد، وخرجوا فصلوا صلاة العيد في مصلى النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان أمير الحاج أبو منصور محمد بن عمر بن يحيى العلوي، وورد الناس الكوفة في أول المحرم، بعد أن لحقهم جهد شديد، وأقاموا بالكوفة لفساد الطريق، ثم خفروا أنفسهم وأموالهم حتى دخلوا بغداد في آخر الشهر.
وفي يوم الأربعاء لثلاث عشرة [ليلة] [3] بقيت من المحرم: أوقع العيارون حريقًا بالخشابين من باب الشعير [4] ، فاحترق أكثر هذا [5] السوق، وما يليها من سوق الجزارين [6] ، وأصحاب الحصر، وصف البواري، فهلك شيء كثير من هذه الأسواق من الأموال [1] وزاد أمر العيارين في هذه السنة، حتى ركبوا الدواب، وتلقبوا بالقواد، وغلبوا على الأمور، وأخذوا الخفائر عن الأسواق والدروب، وكان في جملة العيارين قائد يعرف: بأسود الزبد، لأنه كان يأوي قنطرة الزبد ويستعظم من حضر وهو عريان لا يتوارى، فلما كثر الفساد رأي هذا الأسود من هو أضعف منه قد أخذ السيف [2] فطلب سيفًا، ونهب وأغار، اجتمع إليه جماعة، فأخذ [3] الأموال، واشترى جارية بألف دينار، فلما حصلت عنده حاول منها حاجته فمنعته، فقال: ما تكرهين مني؟ قالت: أكرهك كما أنت فقال: ما تحبين؟ قالت: أن تبيعني. قال: أو أفعل خيرًا من ذلك، فحملها إلى القاضي وأعتقها، ووهب لها ألف دينار، فعجب الناس من سماحة أخلاقه [4] إذ لم يجازها على كراهيتها له. ثم خرج إلى الشام فهلك بها.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید