المنشورات

معد بن إسماعيل بن عبيد الله، أبو تميم صاحب مصر.

وهو أول من ظهر منهم بالمغرب، ويلقب [3] المعز لدين الله، وتقلد الأمر في يوم الجمعة تاسع عشرين شوال سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، فأقام ناظرًا ثلاثًا وعشرين سنة، وخمسة أشهر، وستة وعشرين يومًا، منها بمصر ثلاث سنين، وكان جوهر قد دخل مصر سنة ثمان وخمسين فوطد الأمور [4] بمصر لمعد وبنى له القاهرة وأقام له الخطبة فدخل إلى مصر سنة اثنتين وستين، وكان بطاشا، أحضر يوما أبا بكر النابلسي الزاهد، وكان ينزل الأكواخ [5] من أرض دمشق، فقال له: بلغنا أنك قلت: إذا كان مع الرجل المسلم عشرة أسهم وجب أن يرمي في الروم سهمًا واحدًا، وفينا تسعة. فقال: ما قلت/ [هكذا فظن أنه رجع عن قوله، فقال: كيف قلت؟] [6] قال: قلت إذا كان معه عشرة وجب أن يرميكم بتسعة ويرمي العاشر فيكم أيضا، فإنكم غيرتم الملة، وقتلتم الصالحين ادعيتم [7] نور الألهية، فأمر حينئذ أن يشهر، فشهر في اليوم الأول، وضرب بالسياط في اليوم الثاني، وأخرج في اليوم الثالث فسلخ، سلخه رجل يهودي، وكان يقرأ القرآن ولا يتأوه. قال اليهودي: أيداخلني له رحمة فطعنت بالسكين في فؤاده حتى مات عاجلًا.
حكى صاحب النابلسي قال: مضيت مستخفيا أول يوم فتراءيت له وهو يشهر،فقلت: ما هذا؟ فقال: امتحان، فلما كان اليوم الثاني رأيته يضرب فقلت: ما هذا؟
فقال: كفارات. فلما أخرج في اليوم الثالث يسلخ، قلت: ما هذا؟ قال: أرجو أن تكون درجات.
وكان كافور الأخشيدي قد بعث إلى هذا النابلسي بمال فرده وقال للرسول: قل له قال الله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) 1: 5 والاستعانة به تكفي. فرد كافور الرسول إليه وقال له: اقرأ (لَهُ ما في السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى) 20: 6 [1] فأين ذكر كافور ها هنا، وهل المال إلا له فقال أبو بكر: كافور صوفي لا نحن، فقبله.
وكان المعز مغرى بالنجوم، فحكم له، فاستشار منجميه، فأشير عليه أن يعمل سردابًا تحت الأرض ويتوارى فيه إلى أن يجوز الوقت، فعمل على ذلك، وأحضر قواده، وقال: قد جعلت ولدي نزارًا خليفتي مدة غيبتي، ووصى إلى ولده، وجعل جوهر يدبره، ونزل إلى السرداب، فأقام فيه سنة، وكانت المغاربة إذا رأت غمامًا ساريًا ترجل الفارس منهم إلى الأرض، وأومأ بالسلام تقديرا/ أن المعز فيه، ثم خرج بعد ذلك وجلس للناس، وأقام مديدة، ثم توفي في هذه السنة [وأقام بَعْدَه ابنه ويلقب بالعزيز] [2] .





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید