المنشورات

محمد بن عمر بن يحيى بن الحسين بن أحمد بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الحسن العلوي الكوفي:

ولد في سنة خمس عشرة وثلاثمائة، وسمع أبا العباس بن عقدة. روى عنه أبو العلاء الواسطي، والخلال: سكن بغداد وكان المقدم على الطالبيين في وقته مع كثرة المال والضياع، وكان يخدم عضد الدولة، وناب عن بني بويه، وكانت داره تلي قصر [بني] [3] المأمون، وكان عضد الدولة يغيظه منه كثرة ماله وعلو همته ونفوذ أمره، ولما دخل عضد الدولة إلى بغداد سنة سبعين قال له: امنع العوام من لقائنا بالدعاء والصياح، ففعل فعجب من طاعة العوام له.
ولما ورد رسول القرامطة إلى الكوفة أمر عضد الدولة وزيره المطهر بن عبد الله أن يتقدم إلى الشريف أبي الحسن ليكاتب نوابه بالكوفة بإنزال الرسول وإكرامه، فتقدم بذلك سرا إلى صاحبه، وكتب على طائر كوفي بما رسم، ووصل الطائر وكتب الجواب على بغدادي وأتاه رسوله بالرقعة، وما مضى غير ساعات فقال له الوزير: أمرك [الملك] عضد [4] الدولة بأمر فأخرته فينبغي أن تنهض إلى دارك [5] [وتقدم] [6] بمكاتبة نوابك حتى يعود الجواب في اليوم السادس وتعرضه [عليه] [7] ، فقال له: كتبت [8] وورد الجواب، وعرضه عليه ودخل إلى عضد الدولة، فأخبره فانزعج لذلك، وبلغه أنه طوق قنينة بلور للشرب بحب قيمته مائة ألف دينار، فنقم عليه لذلك، ورأى عضد الدولة في روزنامج ألف ألف وثلاثمائة ألف باسم محمد بن عمر مما أداه من معاملاته بفارس فاعتقله بها واستولى على أمواله فبقى في الاعتقال سنين حتى أطلقه شرف الدولة أبو الفوارس ابن عضد الدولة، فأقام معه وأشار عليه بطلب المملكة فتم له ذلك ودخل معه بغداد وتزايدت حاله في أيامه.
ورفع أبو الحسن على بن طاهر عامل شقي الفرات إلى شرف الدولة أن ابن عمر زرع في سنة ثمان وسبعين ثمانمائة ألف جريب، وأنه يستغل ضياعه ألفى ألف دينار، فدخل ابن عمر على شرف الدولة، فقال: يا مولانا، والله ما خاطبت بمولانا ملكا سواك ولا قبلت الأرض لملك غيرك لأنك أخرجتني من محبسي وحفظت روحي ورددت على ضياعي، وقد أحببت أن أجعل النصف مما أملكه لولدك، وجميع ما بلغك عني صحيح [1] .
فقال له شرف الدولة: لو كان ارتفاعك أضعافه كان قليلا لك، وقد وفر الله عليك مالك، وأغنى ولدي عن مداخلتك، فكن على حالك، وهرب ابن طاهر إلى مصر، فلم يعد حتى مات ابن عمر، وصادر بهاء الدولة أبو نصر بن عضد الدولة الشريف أبا الحسن على ألف ألف دينار عينا، وأخذ منه شيئا آخر واعتقله سنتين وعشرة أشهر، ولزمه يوم إطلاقه تسعون ألف دينار، ثم استنابه ببغداد.
أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز، أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسن، عن أبيه، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو القاسم عَبْد اللَّه بْن أحمد الإسكافي، قال سمعت الشريف [2] أبا الحسن محمد بن عمر العلوي يقول: أنه لما بنى داره بالكوفة وكان فيها حائط عظيم العلو، فبينا البناء قائم على أعلاه لإصلاحه سقط إلى الأرض، فارتفع الضجيج استعظاما للحال، لأن العادة لم تجر بسلامة من يسقط من مثل ذلك الحائط، فقام الرجل سالما لا قلبة به، وأراد العود إلى الحائط ليتم البناء [أعلى الحائط] [3] فقال له الشريف أبو الحسن: قد شاع سقوطك من أعلى الحائط وأهلك لا يصدقون سلامتك ولست أحب أن يردوا إلى بابي صوارخ فامض إلى أهلك ليشاهدوا سلامتك وعد إلى شغلك، فمضى مسرعا فعثر بعتبة الدار التي للباب [1] ، فسقط ميتا.
توفي الشريف لعشر خلون من ربيع الأول من هذه السنة وعمره خمس وسبعون سنة، ودفن في حجرة بدرب المنصور بالكرخ [وحضر جنازته الوزير أبو نصر سابور، وأخذ من تركته خمسين ألف دينار، ونصف أملاكه، وارتفع لورثته ألفا كر ومائتان أصنافا، وتسعة عشر ألف دينار، ثم نقل إلى الكوفة فدفن بها [2]] ، وحضرنا جنازته.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید