المنشورات

الحسين بن أحمد بن الحجاج، أبو عبد الله الشاعر

كان من أولاد العمال والكتاب، وكانت إليه حسبه بغداد في أيام عز الدولة، فاستخلف عليها ستة أنفس كلهم لا خير فيه، ثم تشاغل بالشعر وتفرد بالسخف الذي يدل على خساسة النفس، فحصل الأموال به، وصار ممن يتقى لسانه، وحمل إليه صاحب مصر عن مديح مدحه [به] [6] ألف دينار مغربية، وقد أفرد أبو الحسن الرضي من شعره ما خلا عن السخف، وهو شعر حسن.
أنبأنا أبو الحسن محمد بن أحمد الصائغ، أنبأنا أبو على محمد بن وشاح، قال:
أنشدنا أبو عبد الله بن الحجاج لنفسه: /
قالوا غدا العيد فاستبشر به فرحا ... فقلت ما لي وما للعيد والفرح
قد كان داء الهوى لم تمس نازلة ... بعقوتي وغراب البين لم يصح
أيام لم يخترم قربى المنون ولم ... يغد الصباب [1] على شملي ولم يرح
فاليوم بعدك قلبي غير منفسح ... لما يسر وصدري غير منشرح
وطائر نام في خضراء مؤنقة ... على شفا جدول بالعشب متشح
بالعمر من واسط والليل ما هبطت ... فيه النجوم وضوء الصبح لم يلح
بكى وناح ولولا أنه شجن ... بشجو قلبي المعنى فيك لم ينح [2]
بيني وبينك وعد ليس يخلفه ... بعد المزار وعهد غير مطرح
فما ذكرتك والأقداح دائرة ... إلا مزجت بدمعي باكيا قدحي
ولا سمعت لصوت فيه ذكر نوى ... إلا عصيت عليه كل مقترح
[3] توفي ابن الحجاج بالنيل في جمادى الآخرة من هذه السنة، ورثاه الرضى بقوله:
نعوه على ضن قلبي به ... فلله ماذا نعى الناعيان
رضيع صفاء له شعبة ... من القلب مثل رضيع اللبان
بكيتك للشرد السائرات ... تعبق ألفاظها [4] بالمعاني
وما كنت أحسب أن المنون ... تفل مضارب ذاك اللسان
ليبك الزمان طويلا عليك ... فقد كنت خفة روح الزمان
[5] ورآه أبو الفضل ابن الخازن [6] في المنام بعد موته، فقال: ما صنع الله بك؟
فقال:
أفسد حسن مذهبي ... في الشعر سوء المذهب
وحملي الجد على ... ظهر حصان اللعب
لم يرض مولاي علي ... بسبب أصحاب النبي
وقال لي ويلك يا ... أحمق لم لم تتب
من بغض قوم من رجا ... ولاءهم لم يخب
رمت الرضى جهلا بما ... أصلاك نار اللهب





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید