المنشورات

محمد بن على بن خلف، أبو غالب الوزير الملقب فخر الملك

كان من أهل واسط، وكان أبوه صيرفيا، فتنقلت به الأحوال إلى خدمة بهاء الدولة ابن عضد الدولة، وحمل إليه أموال بدر بن حسنويه، وحصل لنفسه منها الكثير، ولما خلعت عليه خلع الوزارة أعطى كل واحد من صغار الحواشي مائة دينار ودستا من الثياب، وأعطى حراس دار الملك السودان كل واحد عشرين دينارا، وكانوا يزيدون على الخمسين، وسد البثوق، وعمر سواد الكوفة، وعمل الجسر ببغداد، وكان قد نسى وبطل وعمل له درابزينات، وعمر المارستان وداره بأعلى الحريم الظاهري قال لها الفخرية، وهذه الدار كانت للمتقي للَّه وابتاعها عز الدولة بختيار بن معز الدولة وخربت فعمرها فخر الملك وأنفق عليها أموالا كثيرة وفرغ منها في رمضان سنة اثنتين وأربعمائة [1] .
وعصفت في هذه السنة ريح، فقصفت ببغداد زائدا [2] على عشرين ألف نخلة، فاستعمل فخر الملك أكثرها في أبنيته، وكان كثير الصلاة والصلات يجري على الفقهاء ما بين بغداد وشيراز، وكسا في يوم ألف فقير، / وسن تفرقة الحلوى في النصف من رمضان، وأهمل بعض الواجبات، فعوقب سريعا وذلك أن بعض خواصه قتل رجلا ظلما، فتصدت له زوجة المقتول تستغيث ولا يلتفت إليها، فلقيته ليلة في مشهد باب التبن وقد حضر للزيارة، فقالت له: يا فخر الملك القصص التي كنت أرفعها إليك ولا تلتفت إليها [3] قد صرت أرفعها إلى الله تعالى، وأنا منتظرة خروج التوقيع من جهته، فلما قبض عليه، قال: لا شك أن توقيعها قد خرج.
وقتله سلطان الدولة بن بهاء الدولة بالأهواز في هذه السنة وكان عمره اثنتين وخمسين سنة، وأشهر وأخذ من ماله ما بلغ ستمائة ونيفا وثلاثين ألف دينار سوى الضياعات والثياب والفروش والآلات، وقيل: أنه وجد له ألف ألف ومائتا ألف دينار مطيعية، وكان استخراج ماله عجيبا، وذلك أن أبا على الرخجي الوزير أثار هذه الأموال، وكانت ودائع عند الناس، وكان فخر الملك قد احتجز لنفسه من قلعة بدر بن حسنويه ما يزيد على ثلاثة آلاف ألف دينار، وأودعها جماعة فوقف الرخجي على تذكرة له فاستخرجها من غير ضرب بعصا على ما نذكر في ترجمة الرخجي، وقد ذكر فيها أقواما أودع [4] قد لحن بأسمائهم وكنى عن ألقابهم.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید