المنشورات

عمد بعض الحاج المصريين إلى الحجر الأسود فضربه بدبوس

وفي هذه السنة: في زمن الحج عمد بعض الحاج المصريين إلى الحجر الأسود فضربه بدبوس كان في يده حتى شعثه وكسر قطعا منه، وعاجله الناس فقتلوه وثار المكيون بالمصريين ونهبوهم وقتلوا قوما منهم، وركب أبو الفتوح الحسن بن جعفر فأطفأ الفتنة، ودفع عن المصريين.
قال هلال بن المحسن: وقيل: أن الفاعل ما فعله إلا وهو من الجهلة الذين كان الحاكم استغواهم وأفسد أديانهم. وقيل: كان ذلك في سنة أربع عشرة، قال:
وقرأت في كتاب كتب بمصر في هذا المعني: كان من جملة من دعاه الخوف إلى الانتزاح رجل من أهل البصرة أهوج أثول سار مع الحجيج إلى مكة فرقا من السيف وتستر بالحج، فلما وصل أعلن الكفر وأظهر ما كان يخفيه من الكفر فقصد الحجر الأسود، فضربه بدبوس في يده أطارت شظايا منه، ووصلت بعد ذلك، ثم إن هذا الكافر عوجل بالقتل.
أخبرنا شيخنا محمد بن ناصر الحافظ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بن ميمون النرسي، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن علي بن عبد الرحمن العلويّ، قال: في سنة ثلاث عشرة وأربعمائة كسر الحجر الأسود/ لما صليت الجمعة يوم النفر الأول، ولم يكن رجع الناس بعد من منى، قام رجل ممن ورد من ناحية مصر بإحدى يديه سيف مسلول، وبالأخرى دبوس بعد ما قضى الإمام الصلاة، فقصد ذلك الرجل ليستلمه [1] على الرسم، فضرب وجه الحجر ثلاث ضربات متوالية بالدبوس، وقال: إلى متى يعبد الحجر ولا محمد ولا علي يمنعني عما أفعله، فإنّي أهدم هذا البيت وارفعه فاتقاه أكثر الحاضرين وتراجعوا عنه، وكاد يفلت، وكان رجلا تام القامة، أحمر اللون، أشقر الشعر، سمين الجسم، وكان على باب المسجد عشرة من الفرسان على أن ينصروه، فاحتسب رجل من أهل اليمن أو من أهل مكة أو من غيرها فوجأه بخنجر، واحتوشه الناس فقتلوه وقطعوه وأحرقوه بالنار، وقتل من اتهم بمصاحبته ومعونته على ذلك المنكر جماعة، وأحرقوا بالنار وثارت الفتنة، وكان الظاهر من القتلى أكثر من عشرين نفسا غير ما اختفى منهم، وألحوا في ذلك اليوم على المغاربة والمصريين بالنهب والسلب وعلي غيرهم في طريق منى إلى البلد.
وفي يوم النفر الثاني اضطرب الناس وماجوا، وقالوا أنه قد أخذ في أصحاب الخبيث لعنه الله أربعة أنفس اعترفوا بأنهم مائة بايعوا على ذلك، وضربت أعناق هؤلاء الأربعة وتقشر بعض وجه الحجر في وسطه من تلك الضربات وتخشن، وزعم بعض الحاج أنه سقط من الحجر ثلاث قطع واحدة فوق أخرى، فكأنه يثقب ثلاث ثقب ما يدخل الأنملة في كل ثقبة، وتساقطت منه شظايا مثل الأظفار، وطارت منه شقوق يمينا وشمالا، وخرج مكسره أحمر [2] يضرب إلى الصفرة محببا مثل الخشخاش، فأقام الحجر علي ذلك يومين، ثم أن بني شيبة جمعوا ما وجدوه مما سقط منه، وعجنوه بالمسك واللك [3] ، وحشوا تلك المواضع/ وطلوها بطلاء من ذلك، فهو بين لمن تأمله، وهو على حاله اليوم.




مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید