المنشورات

ورود الأصفهلارية إلى بغداد

إن الأصفهلارية وردوا إلى بغداد، فراسلوا العيارين وكانوا قد كثروا بالانصراف عن البلد، فلم يلتفتوا إلى هذه المراسلة وخرجوا إلى مضارب الأصفهلارية [2] وصاحوا وشتموا، ووقعت حرب طول النهار وأصبح الجند على غيظ وحنق، فلبسوا السلاح وضربوا الدبادب كما يفعل في الحرب، ودخلوا الكرخ ووقعت النار فاحترق من الدقاقين إلى النحاسين وبعض باب المساكين وسائر الأبواب التي كانوا يتحصنون بها، ونهبت الكرخ في هذا اليوم وهو يوم الأحد لعشر بقين من المحرم، وأخذ الشيء الكثير من القطيعة ودرب رياح، وفيه كانت دار أبي يعلى ابن الموصلي رئيس العيارين، وأخذ من درب أبي خلف الأموال خص بها من دار ابن زيرك البيع، وقلعت الأبواب من درب عون وسائر أسواق الكرخ السالمة من الحريق، وأصبح الناس في اليوم الثالث على خطة صعبة، وكان ما انتهبه العوام من غير أهل الكرخ أكثر مما نهبه الأتراك [3] ، ومضى المرتضى مستوحشا مما جرى إلى دار الخليفة فانحدر الأصفهلارية [4] ، وسألوا التقدم إليه بالرجوع، فخلع عليه ثم تقدم إليه بالعود، ثم حفظت المحال واشيعت المصادرات، وقرر على الكرخ مائة ألف دينار.
وفي ربيع الآخر: شهد أبو عبد الله الحسين [1] بن علي الصيمري عند قاضي القضاة ابن أبي الشوارب [2] بعد أن استتابه عما ذكر عنه من الاعتزال.
وفي شهر رمضان: انقض كوكب عظيم الضوء كان له دوى كدوي الرعد.
وجاء في هذه السنة [3] برد لم يعهد مثله منذ يوم الثلاثاء سلخ شوال وإلى يوم الثلاثاء لعشر بقين من ذي الحجة على الدوام، وجمد الماء طول هذه المدة ثخينا حتى في حافات دجلة والأنهار الواسعة، وأما/ السواقي ومجاري الماء فإنها كانت تجمد طولا وعرضا، وقاسى الناس من هذا شدة، وامتنع كثير منهم من التصرف والحركة، وتأخرت الزيادة [4] في دجلة والفرات، وامتنع المطر فوقفت العمارة، فلم يزرع في السواد إلا القليل.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید