المنشورات

بيعة القائم بأمر الله

[9] لما توفي القادر حضر الأشراف والقضاة والفقهاء والأماثل، وحفظت أبواب البلد مخافة الفتنة، وخرج القائم بأمر الله وقت العصر من وراء ستر فصلى بالحاضرين المغرب، وصلى بعدها على القادر فكبر أربعا، ثم جلس في دار الشجرة على كرسي وعليه قميص ورداء، فبايعه الناس، فكان يقال للرجل تبايع أمير المؤمنين القائم بأمر الله على الرضا بإمامته، والالتزام بشرائط طاعته، فيقول: نعم ويأخذ يده فيقبلها، وأول من بايعه المرتضى، وقال له:
فأما مضى جبل وانقضى ... فمنك لنا جبل قد رسا
وأنا فجعنا ببدر التمام ... فقد بعثت منه شمس الضحى
لنا حزن في محل السرور ... وكم ضحك في خلال الرجا [1]
فيا صار ما أغمدته يد ... لنا بعدك الصارم المنتضى
ولما حضرناك عقد البياع ... عرفنا بهداك طرق الهدى
فقابلتنا بوقار المشيب ... كمالا وسنك سن الفتى
وحضر الأمير أبو محمد الحسن بن عيسى، بن المقتدر من الغد وبايعه وكتب إلى البلاد بأخذ البيعة له، وهم الأتراك بالشغب لأجل رسم البيعة، فتكلم تركي بما لا يصلح في حق الخليفة القائم فقتله هاشمي فثار الأتراك، وقالوا: إن كان هذا بأمر الخليفة خرجنا عن البلد، وإن لم يكن فيسلم إلينا القاتل، فخرج توقيع الخليفة أنه لم يجر ذلك بإرادتنا [2] ، وإنما فعله رعاع في مقابلة قول تجاوز به عدوه، ونحن نطلب القاتل ونقيم فيه حد الله تعالى، ولم يركب السلطان إلى البيعة غضبا للأتراك، ثم لجوا في طلب مال البيعة، فقيل لهم: إن القادر لم يخلف مالا فأدى الملك بهاء الدولة من عنده إلى الجند، ثم تقرر الأمر على/ ما قيمته ثلاثة آلاف ألف دينار، فعرض الخليفة عند ذلك خانا بالقطيعة وبستانا وشيئا من أنقاض الدار على البيع، ووزر له أبو طالب محمد بن أيوب، وأبو الفتح بن دارست، وأبو القاسم بن المسلمة، وأبو نصر بن جهير، وكان قاضيه ابن ماكولا، وأبو عبد الله الدامغاني.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید