المنشورات

الحسن بن الحسين، أبو علي الرخجي

وزر لمشرف الدولة أبي علي بن بهاء الدولة سنتين ثم عزل وكان في زمان عطلته عظيم الجاه، وتوفي في هذه السنة وقد قارب الثمانين، وكان قد قيل أن واسط خالية عن مارستان وهي مصر من الأمصار الكبار، وتجاورها البطائح وأعمالها، فاختار موضعا فجعله مارستانا وانفق عليه جملة وافرة وفتح في سنة ثلاث عشرة وحملت إليه الأدوية ورتب له الخزان والأطباء ووقف عليه الوقوف وتولى إثارة أموال فخر الملك أبي غالب [3] من غير ضرب بعصا فاستخرجها بألطف شيء، وكان فخر الدولة [4] قد أودع أقواما ولحن باسمائهم وكنى عن ألقابهم فكان فيها عند الكوسج اللحياني عشرون ألف دينار وعند بسرة بقمعها ثلاثون ألف دينار فلم يعرف من هذان فدخل عليه رجل كان يتطايب لفخر الملك ويأنس به وكان يلقبه الكوسج اللحياني لكثافة الشعر في أحد عارضيه وخفته في الآخر فدخل إلى الرخجي متظلما من جار له متقربا إليه بخدمة فخر الملك فقال له يا مولانا أنه كان يطلعني فخر الملك على أسراره ويلقبني بالكوسج اللحياني فقال لأصحابه لا تفارقوه إلا بعشرين ألف دينار وتهدده بالعقوبة فحملها بختومها ثم تفكر في قوله عند بسرة بقمعها فقال هو الصابئ فأحضر هلال بن المحسن فخاطبه سرا وكان هذا أحد كتاب فخر الملك فلم ينكر فقال له قم أيها الرئيس آمنا ولا تظهر/ هذا الحديث لأحد وأنفق المال على نفسك وولدك ثم حضر ابن الصابئ على أبي سعد بن عبد الرحيم في وزارته فقال له قد عرفت ما دار بينك وبين الرخجي وأنت تعلم حاجتي إلى الحبة الواحدة وتاولي على من لا معاملة بيني وبينه ولا يسبقني الرخجي إلى مكرمة وما كنت لأنكب مثلك والصواب أن تشتغل بتاريخ أخبار الناس فاشتغل ابن الصابئ من ذلك الوقت بتاريخه الذي ذيله على تاريخ سنان فاستخدمه الملوك فلم يحتج إلى إنفاق شيء من المال وخلف ولده أبا الحسن غرس النعمة وخلف له أملاكا نفيسة على نهر عيسى وانفق مقتصدا في النفقة وعمر الأملاك ولم يطلع أحد من أولاده على حاله [1] وظن أولاده أن تركته تقارب الألف دينار فوجدوا له تذكرة تشتمل على دفائن في داره فحفروها فكانت اثنى عشر ألف دينار وكان ما خلفه من القماش وغيره لا يبلغ خمسين دينارا وأنفق أولاده التركة في أسرع زمان.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید