المنشورات

علي بن الحسن بن موسى بن محمد بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب

ولد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة وهو أكبر من أخيه الرضى وكان يلقب بالمرتضى ذي المجدين وكانت له نقابة [2] الطالبيين وكان يقول الشعر الحسن وكان يميل إلى الاعتزال ويناظر عنده في كل المذاهب وكان يظهر مذهب الإمامية ويقول فيه العجب وله تصانيف على مذهب الشيعة فمنها كتابهم الذي ذكر فيه فقههم وما انفردوا به نقلت منه مسائل من خط أبي الوفاء بن عقيل وانا اذكرها هنا شيئا منها فمنها لا يجوز السجود على ما ليس بأرض ولا من نبات الأرض كالصوف والجلود والوبر، وأن الاستجمار لا يجزى في البول بل في الغائط وأن الكتابيات حرام، وأن الطلاق المعلق على شرط لا يقع وإن وجد شرطه، وأن الطلاق لا يقع إلا بحضور شاهدين عدلين، ومتى [3] حلف إن فعل كذا [4] فامرأته طالق لم يكن يمينا، وأن النذر لا ينعقد [5] إذا كان مشروطا بقدوم مسافر أو شفاء مريض، وأن من نام عن صلاة العشاء إلى أن يمضي نصف الليل وجب عليه إذا استيقظ القضاء وأن يصبح صائما كفارة لذلك، وأن المرأة إذا جزت شعرها فعليها كفارة قتل الخطأ، وأن من شق ثوبه في موت ابن له أو زوجة فعليه كفارة يمين، وأن من تزوج امرأة ولها زوج وهو لا يعلم لزمه أن يتصدق بخمسة دراهم، وأن قطع السارق من أصول الأصابع، وأن ذبائح أهل الكتاب محرمة واشترطوا في الذبح استقبال القبلة، وكل طعام تولاه اليهود أو النصارى أو من قطع بكفره فحرام أكله، وهذه مذاهب عجيبة تخرق الإجماع وأعجب منها ذم الصحابة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن ناصر الحافظ أَخْبَرَنَا أبو الفضل أحمد بن الحسين بن خيرون المعدل أنه نسخ من نسخه ذكرنا ناسخها أنه كتبها عن المرتضى من تأليفه وكلامه قال المرتضى: سألني الرئيس الأجل عن السبب في نكاح أمير المؤمنين بنته عمر بن الخطاب فكيف صح ذلك مع اعتقاد الشيعة الإمامية في عمر أنه على حال لا يجوز معها إنكاحه قال وأنا اذكر من الكلام في ذلك جملة كافية: أعلم أن الزيدية القائلين بالنص على أمير المؤمنين بالإمامة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم يذهبون إلى أن رفع [1] النص فسق يستحق به فاعله الخلود في نار جهنم وليس يكفر والفاسق يجوز إنكاحه والنكاح إليه بخلاف الكافر ويبقى الكلام مع الإمامية الذين يذهبون إلى أن رفع [2] النص كفر ويسألون عن ذلك مسائل منها إنكاح النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان بنتيه واحدة بعد واحدة وذلك مع القول بأنه يكفر بجحد النص على أمير المؤمنين غير جائز وليس لكم أن تقولوا جحد النص إنما كان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فهو غير مناف كما وقع في حياته لأن رفع [3] النص إذا كان كفرا والكافر عندكم لا يجوز أن يقع منه الإيمان متقدم بل المستقر في مذاهبهم أن من آمن باللَّه طرفة عين لا يجوز أن يكفر بعد إيمانه فعلى هذا المذهب أن كل من كفر بدفع النص لا يجوز أن يكون له حالة إيمان متقدمة وإن أظهر الإيمان فهو مبطن لخلافة [4] والمسألة لازمة مع هذا التحقيق. ومن مسائلهم أيضا أن عائشة إذا كانت/ بقتالها أمير المؤمنين قد كفرت وبدفعها أيضا إمامته وكانت حفصة أيضا شريكتها مع إنكار إمامته والاختلاف عليه فقد اشتركتا في الكفر وعلى مذاهبهم لا يجوز أن يكون الإيمان واقعا في حالة متقدمة ممن كفر ومات على كفر وكيف ساغ للنبي [5] صلى الله عليه وسلم أن ينكحهما وهما في تلك الحال غير مؤمنتين ومن المسائل تزويج أمير المؤمنين علي من عمر بن الخطاب وتحقيق الكلام في ذلك كتحقيقه في عثمان قال المرتضى والجواب أن نكاح الكافرة ونكاح الكافر لا يدفعه العقل وليس في مجرده ما يقتضي قبيحه [6] وإنما يرجع في قبيحه أو حسنه إلى أدلة السمع ولا شيء أوضح وأدل على الأحكام من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أو فعل أمير المؤمنين فإذا رأيناهما قد نكحا وأنكحا إلى من ذكرت حاله وفعلهما حجة وما لا يقع إلا صحيحا صوابا قطعنا على جواز ذلك وانه غير قبيح ولا محظور وبعد فليست حال عثمان ونكاحه بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وحال نكاح عائشة وحفصة كحال عمر في حال نكاح بنت أمير المؤمنين لأن [عثمان كان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لم يظهر منه ما ينافي الإيمان [1] وإنما] كان مظهرا بغير شك الإيمان وكذلك عائشة وحفصة وعمر في حال نكاح بنت أمير المؤمنين كان مظهرا من جحد النص ما هو كفر والحال مفترقة فإذا قيل وأي انتفاء الآن بإظهار الإيمان والنبي صلى الله عليه وسلم يقطع على كفره مظهرا في الباطن لانه إذا علم أنه سيظهر ممن أظهر الإيمان في تلك الأحوال كفر ويموت عليه فلا بد أن يكون في الحال قاطعا على/ أن الإيمان المظهر إنما هو نفاق كان الباطن بخلافه وقد عدنا إلى أنه أنكح ونكح مع القطع على الكفر، قلنا غير ممنوع أن يكون عليه السلام في حال نكاح عثمان لم يكن الله أطلعه على أنه سيجحد النص بعده فإن ذلك مما لا يجب الاطلاع عليه ثم إذا ظهر في مذاهب الإمامية أنه عليه السلام كان مطلعا على ذلك فليس معنا تاريخ بوقت اطلاعه ويجوز أن يكون عليه السلام إنما علم ذلك بعد الإنكاح أو بعد [موت] [2] المرأتين المنكوحتين وكذلك القول في عائشة وحفصة يجوز أن يكون ما علم بأحوالهما إلا بعد النكاح لهما فإذا قيل فكان يجب أن يفارقهما بعد العلم بما لا يجوز استمرار [الزوجية] [3] معه أمكن أن يقال ليس معنا قطع على أنه عليه السلام أعلم أن المرأتين يجحدان النص فإن ذلك مما لم ترد به رواية وأكثر ما وردت به الرواية وإن كانت من جهة الآحاد ومما لا يقطع بمثله أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ ستقاتلينه وَأَنْتِ ظَالِمَةٌ لَهُ وهذا إذا صح وقطع عليه أمكن أن يقال فيه أن محض القتال ليس بكفر وإنما يكون كفرا إذا وقع على سبيل الاستحلال له والجحود لإمامته ونفي فرض طاعته وإذا جاز أن يكون عليه السلام لم يعلم بأكثر من مجرد القتال الذي يجوز أن يكون فسقا أو يجوز أن يكون كفرا فلا يجب أن يكون قاطعا على نفاق في الحال لأن الفاسق في المستقبل لا يمتنع أن يتقدم منه الإيمان وهذه المحاسبة والمناقشة لم تمض في/ كتب أحد من أصحابنا وفيها سقوط هذه المسألة على أنا إذا سلمنا على أشد الوجوه أنه عليه السلام علم أنهما في الحال على نفاق وعلم أيضا في عثمان مثل ذلك في حال إنكاحه لا بعد ذلك جاز أن يقول إن نكاح المنافق وإنكاحه جائز في الشريعة ولا يجب أن يجري المنافق مجرى مظهر الكفر ومعلنه وإذا جاز أن تفرق الشريعة بين الكافر الحربي والمرتد وبين الذمي في جواز النكاح فتقبح نكاح الذمية عند مخالفينا كلهم مع اختيار وعند [موافقينا] [1] مع الضرورة وفقد المؤمنات ولا نبيح نكاح الحربية على كل حال جاز أن يفرق بين مظهر الكفر ومبطنه في جواز النكاح وإذا فرقت الشريعة بين نكاح الذمي والنكاح إليه جاز الفرق بين المظهر للكفر والمنافق في جواز إنكاحه والشيعة الإمامية تقول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرف جماعة من المنافقين بأعيانهم ويقطع على أن في بواطنهم الكفر بدلالة قوله تعالى:
وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ 9: 84 [2] ومحال أن يتعبده بترك الصلاة والقيام على قبره إلا وقد عينه تعالى له عليه السلام وبدلالة قوله تعالى: وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ في لَحْنِ الْقَوْلِ 47: 30 [3] وإذا كان عليه السلام عارفا بأحوال المنافقين ومميزا لهم من غيرهم ومع هذا فما رأيناه فرق بين أحد منهم وبين زوجته ولا خالف بين أحكامهم وأحكام المؤمنين/ وكان على الظاهر يعظمهم كما يعظم المؤمنين الذين لا يطلع على نفاقهم فقد بان أن الشريعة قد فرقت بين مظهر الكفر ومبطنه في هذه الأحكام فإن قيل أفيجوز أن يكون نكح وأنكح من يعلم خبث باطنه؟ قلنا فعله ذلك يقتضي [4] أنه مباح غير أننا نبعد أن ينكح أحدنا [5] غيره مع قطعه على أنه عدو في الدين. وإن جاز أن تبيح ذلك الشريعة والأشبه أن يكون عليه السلام إذا فرضنا أنه عالم بخبث باطن من أنكحه في الحال أن يكون إنما فعل ذلك لتدبير وسياسة وتألف وإلا فمع الإيثار وارتفاع الأسباب لا يجوز أن يفعل ذلك ومن حمل نفسه من عقلة أصحابنا على أن دفع كون رقية وزينب بنتي رسول الله صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم علي الحقيقة وإنهما بنتا خديجة من ابن أبي هالة دافع ظاهرا معلوما لأن العلم بذلك كالعلم بغيره من الأمور والشك فيه كالشك في أمر معلوم وما بنا إلى المكابرات ودفع المعلومات حاجة فأما الكلام في نكاح عمر فقد تقدم أن العقل لا يمنع من مناكحة الكفار وأن [فعل] [1] أمير المؤمنين [قوي حجة واضح دليل وهذه الجملة كافية لو اقتصرنا عليها لكنا نقول أن أمير المؤمنين] [2] لم ينكح عمر مختارا بل مكرها وبعد مراجعة وتهديد ووعيد وقد ورد الخبر بأنه [راسله فدفعه بأجمل دفع فاستدعى عمه العباس فقال له ما لي أي بأس بي فقال له العباس وما الذي] [3] اقتضى هذا القول فقال له خطبت إلى ابن أخيك فدفعني وهذا يدل على عداوته لي وثنوه عني والله لأفعلن كذا وكذا ولأبلغن إلى كذا وكذا وإنما كتبنا عن التصريح بالوعيد عما روى لفحشه وقبحه [4] / وتجاوزه كل حد والألفاظ مشهورة في الرواية معروفة فعاد العباس إلى أمير المؤمنين فعاتبه وخوفه وسأله رد أمر المرأة إليه فقال له افعل ما شئت فمضى وعقد عليها ومع الإكراه والتخويف قد تحل المحارم كالخمر والخنزير [5] قال المرتضى وروي أن أبا عبد الله الصادق سئل عن ذلك فقال ذاك فرج غصبنا عليه وبعد فإذا كانت التقية وخوف المخارجة قطع مادة المظاهرة وما حمل مجموعه وتفصيله على بيعة من جلس من مكانه واستولى على حقه وإظهار طاعته والرضا بإمامته وأخذ عطيته فأهون من ذلك إنكاحه فما النكاح بأعظم مما ذكرنا فإذا حسن العذر في هذه الأمور كلها ولولاه لكانت قبيحة محظورة فكذلك [العذر] [6] بعينه قائم في النكاح وبعد فإن النكاح أخف حالا وأهون خطبا مما عددنا لأنه جائز في العقول يبيح الله إنكاح الكافر مع الاختيار فليس في ذلك وجه ثابت لا بد من حصوله وليس تبيح العقول مع الإيثار والاختيار أن يسمى بالإمامة من لا يستحقها وأن يطاع ويقتدي بمن لم يكن فيه شرائط الإمامة فإذا أباحت الضرورة ما كان لا يجوز مع الإيثار في القول إباحته كيف لا تبيح الضرورة ما كان يجوز في العقول مع الإيثار في القول استباحته ومن حمل نفسه من أصحابنا على إيثار هذه المظاهرة كمن حمل نفسه على إنكار كون رقية وزينب بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في دفع الضرورة والإشمات [1] بنفسه أعداءه فانه يطرق/ عليه أنه لا يعلم حقائق الأمور وأنه في كل مذاهبه واعتقاداته على مثل هذه الحال التي لا تخفى على العقلاء ضرورة ومرتكبها أو من قال من جهال أصحابنا أن العقد وقع لكن الله كان يبدل هذه العقود عليها بشيطانه عند القصد إلى التمتع بها فما يضحك الثكلى لأن المسألة باقية عليه في العقد لكافر على مؤمنة [2] هذا المطلوب منه فلا معنى لذلك المنع من المتمتع كيف سمح بالعقد المبيح للتمتع من لا يجوز مناكحته ولا عقد النكاح [له وإذا أباح بالعقد المبيح للتمتع من لا يجوز مناكحته ولا عقد النكاح] [3] له فكيف منعه من لا يقتضيه العقد والمنع من العقد أولى من إيقاعه والمنع من مقتضاه وإنما أحوج إلى ذلك العجز عن ذكر العذر الصحيح وهذه جملة مغنية عما سواها، قال المصنف رحمه الله ومن تأمل ما صنعه المرتضى من الفقه المتقدم وكلامه في الصحابة وأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وبناته علم أنه أحق بما قرف به سواه ولولا أن هذا الكتاب لا يصلح التطويل فيه بالرد لبينت عوار كلامه على أن الأمر ظاهر لا يخفى على من له فهم وأول ما ذكر فيما ادعاه النص على علي عليه السلام وهل يروى إلا في الأحاديث الموضوعة [4] المحالات وإنما يكفر الإنسان لمخالفة النص الصحيح الصريح الّذي لا يحتمل التأويل وما لنا ها هنا بحمد الله نص أصلا حتى ندعى على الصحابة الكفر والفسق بمخالفته ومن التخرص وعيد عمر/ لعلي إذ أبي تزويجه وغير ذلك من المحالات والعجب أنه يقول روى حديث قتال عائشة لعلي من طريق الآحاد أفترى النص عليه ثبت عنده بطريق التواتر ولكن إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فاصنع ما شئت.
توفي المرتضى في هذه السنة ودفن في داره.
أخبرنا ابن ناصر عن أبي الحسين بن الطيوري. قال سمعت أبا القاسم بن برهان يقول دخلت على الشريف المرتضى أبي القاسم العلوي في مرضه وإذا قد حول وجهه إلى الجدار فسمعته يقول: أبو بكر وعمر وليا فعدلا واسترحما فرحما أما أنا أقول ارتدا بعد ما أسلما، فقمت فما بلغت عتبة الباب حتى سمعت الزعقة عليه.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید