المنشورات

ثوران الفتنة بين أهل الكرخ وأهل القلائين

وفي يوم عيد الفطر: ثارت الفتنة بين أهل الكرخ وأهل القلائين فاشتدت ووقع بينهما [1] جرح وقتل ونقل أهل القلائين آخر السور الذي على سوق الأنماط فاستعملوه في بنائهم وجعل مع كل جهة قوم من الأتراك يشدون منهم وامتنع على السلطان الإصلاح وعمل أهل القلائين بابا آخر دون بابهم وسقفوا ما بينهما وبنوا دكاكين جانبيها وفرشوا الحصر وعلقوا القناديل وخلقوا الحيطان وأظهروا عمل ذلك مسجدا وأذنوا للصلوات فيه وسمى الباب المسعود وبطلت الأسواق ودعي ابو محمد بن النسوي ورسم له العبور إلى الجانب الغربي وإزالة الفتنة فقتل جماعة من المذكورين وانتهى إلى الخليفة أن القضاة أبا الحسن السمناني [2] وأبا الحسن البيضاوي وأبا عبد الله الدامغاني وابن الواثق وابن المحسن الوكيلين حضروا عند القاضي أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي وجرى ذكر أهل الكرخ وما عملوا فقال التنوخي: هذه طائفة نشأت على سب الصحابة وما منعت منه إلا/ وجدت به ولا كان لدار الخلافة أمر عليها فما تحاول الآن منها واني لا ذكره وأنا أحمل رقاع ابن حاجب النعمان عن دار الخلافة القادرية إلى الرضى فلا يفضها ويقول أن كانت لك حاجة قضيتها فلما قام أخوه المرتضى أظهر الطاعة حفظا لنعمته فكتب الوكيلان بما جرى إلى الديوان وشهد بذلك الشهود [3] فتقدم بما وقف عليه ابن عبد الرحيم الوزير فكاتب الخليفة وسأله في الصفح عن التنوخي فوقع الاقتصار على أن كتب رئيس الرؤساء إلى قاضي القضاة ليتوقف قاضي القضاة الحسين ابن علي عن استماع شهادة التنوخي وليوعز عليه بملازمة منزلة إلى أن يكشف عن حاله ثم لم يزل يسأل فيه حتى أذن له في الشهادة ودخول الديوان ثم زادت الفتن بين السنة والشيعة ونقضت المحال ورميت فيها النار [1] .
وأشتد أمر العيارين بالجانب الغربي حتى انتقل أهله إلى الحريم وابتاعوا خرابات وعمروها.
وفي ذي الحجة: عصفت ريح غبراء ترابية فأظلمت الدنيا فلم ير أحد أحدا وكان الناس في أسواقهم فحاروا ودهشوا ودامت ساعة فقلعت رواشن دار الخلافة ودار المملكة وانحدر الطيار ووقع الظلال في الأسواق وسقط من النخل والشجر الكثير [2] .





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید