المنشورات

الحسن بن أبي الفضل، أبو علي الشرمقاني المؤدب

وشرمقان [4] قرية من قرى نسا. نزل بغداد، وكان أحد حفاظ القرآن العالمين باختلاف القراء ووجوه القراءات، وحدث عن جماعة، وكان صدوقا.
وجرت له قصة ظريفة رواها [5] محمد بن أبي الفضل [6] الهمذاني، عن أبيه قَالَ: كان الشرمقاني المقرئ يقرأ على ابن العلاف، وكان يأوى إلى مسجد بدرب الزعفراني، فاتفق أن ابن العلاف رآه ذات يوم في وقت مجاعة، وقد/ نزل إلى دجلة، 31/ أوأخذ من أوراق الخس [7] ما يرمى به أصحابه، وجعل يأكله، فشق ذلك عليه، وأتى إلى رئيس الرؤساء فأخبره بحاله، فتقدم إلى غلام له بالمضي إلى المسجد الذي يأوى إليه الشرمقاني، وأن يعمل لبابه مفتاحا من غير أن يعلمه، ففعل وتقدم أن يحمل في كل يوم ثلاثة أرطال خبزا سميذا ومعها دجاجة وحلوى وسكر، ففعل الغلام ذلك، وكان يحمله على الدوام، فأتى الشرمقاني في أول يوم فرأى ذلك في القبلة مطروحا، ورأى الباب مغلقا فتعجب، وقال في نفسه: هذا من الجنة ويجب كتمانه، وان لا أتحدث به، فإن من شرط الكرامة كتمانه، وأنشد:
من أطلعوه على سر فباح به ... لم يأمنوه على الأسرار ما عاشا
فلما استوت حاله، وأخصب جسمه [8] سأله ابن العلاف عن سبب ذلك وهو عارف به، وقصد المزاح معه، فأخذ يورى ولا يصرح، ويكنى ولا يفصح، ولم يزل ابن العلاف [1] يستخبره حتى أخبره أن الذي يجد في المسجد كرامة نزلت من الجنة، إذ لا طريق لمخلوق عليه. فقال ابن العلاف: يجب أن تدعو لابن المسلمة، فإنه هو الذي فعل ذلك، فنغص عليه عيشه، وبانت عليه شواهد الانكسار.
وتوفي الشرمقاني في صفر هذه السنة.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید