المنشورات

لحق الدواب موتان

وفي شوال: لحق الدواب موتان، وانتفخت رءوسها وأعينها، حتى كانوا يصيدون حمر الوحش بأيديهم فيعافون أكلها، ووقع عقيب [2] ذلك بنيسابور وأعمال خراسان الغلاء الشديد، والوباء المفرط، وكذلك بدمشق، وحلب، وحران.
وفي هذه السنة: قبل قاضي القضاة [أبو عبد الله] [3] الدامغاني شهادة الشريف أبي الحسن محمد بن علي بن المهتدي، وأبي طاهر عبد الباقي بن محمد البزار.
وفي يوم السبت عاشر ذي القعدة: جمع العميد أبو سعد القاضي الناس على طبقاتهم إلى المدرسة النظامية التي بناها نظام الملك ببغداد للشافعية، وجعلها برسم أبي إسحاق الشيرازي بعد أن وافقه على ذلك، فلما كان يوم اجتماع الناس فيها وتوقعوا مجيء أبي إسحاق فلم يحضر، فطلب فلم يظهر، وكان السبب أن شابا لقيه فقال: يا سيدنا، تريد تدرس في المدرسة؟ فقال: نعم، فقال: [و] [4] كيف تدرس في مكان مغصوب؟ فغير نيته فلم يحضر، فوقع العدول إلى أبي نصر بن الصباغ فجعل مكانه، وضمن له أبو منصور بن يوسف أن لا يعدل عنه، ولا يمكن أبو إسحاق من الإفساد عليه، فركن إلى قوله فجلس، وجرت مناظرة وتفرقا، وأجرى للمتفقهة لكل واحد أربعة أرطال خبز كل يوم، وبلغ نظام الملك فأقام القيمة على العميد، وظهر أبو إسحاق في مسجد بباب المراتب، فدرس على عادته، فاجتمع العوام [1] فدعوا/ وأثنوا عليه، وكان قد بلغ 53/ أإليهم أنه قَالَ: إني لم أطب نفسا بالجلوس في هذه المدرسة لما بلغني أن أبا سعد القاشي غصب أكثر آلاتها، ونقض قطعة من البلد لأجلها، ولحق أصحابه غم.
وراسلوه لما عرضوا فيه بالانصراف عنه والمضي إلى ابن الصباغ إن لم يجب إلى الجلوس في المدرسة ويرجع عن هذه الأخلاق الشرسة، فأرضاهم بالاستجابة تطييبا لقلوبهم، وسعوا وهو أيضا في ذلك إلى أن استقر الأمر في ذلك له، وصرف ابن الصباغ فكانت مدة مقامه بها عشرين يوما، وجلس أبو إسحاق فيها في عشر ذي الحجة، وكان إذا حضر وقت الصلاة خرج منها وقصد بعض المساجد فأداها.
أنبأنا أبو زرعة طاهر بن محمد المقدسي، عن أبيه قَالَ: سمعت أبا القاسم منصور بن محمد [2] بن الفضل- وكان فقيها متورعا- يقول: سمعت أبا علي المقدسي ببغداد يقول: رأيت أبا إسحاق الشيرازي في المنام فسألته عن حاله فقال: طولبت بهذه البنية- يعني المدرسة [النظامية] [3]- ولولا أني ما أديت فيها الفرض لكنت من الهالكين.
وفي هذه السنة: عقدت البصرة وواسط على هزارسب بثلاثمائة ألف دينار.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید