المنشورات

وقوع الإرجاف بقتل السلطان ألب أرسلان محمد بن داود

وفي ربيع الأول [4] وقع الإرجاف بقتل السلطان ألب أرسلان محمد بن داود، فنودي من دار الخلافة في الحريم بالتوعد لمن يتفوه بذاك، ثم تزايدت الكتب من الأهواز، والري بصحته، وكان السلطان قد غزا في أول هذه السنة جيحون على جسر مده، وكان معه زيادة على مائتي ألف فارس، وعبر [عسكره النهر في صفر وأتاه] [5] أصحابه بمستحفظ قلعة يعرف بيوسف الخوارزمي في سادس ربيع الأول، فحضر إليه بيد غلامين [6] ، كل واحد قد أمسك يده، فلما وصل شتمه السلطان وواقفه على أفعال قبيحة كانت منه، وتقدم بأن يضرب له أربعة أوتاد، وتشد أطرافه إليها، فقال له يوسف:
يا مخنث، مثلي يقتل هذه القتلة؟! فاحتد السلطان، وأخذ القوس والنشابة، وقال للغلامين: خلياه، فرماه بسهم فأخطأ، فعدا يوسف إليه، وكان السلطان جالسا على سدة فنهض فنزل، فعثر ووقع على وجهه، فبرك عليه/ يوسف فضربه بسكين كانت معه 72/ أفي خاصرته، فلحقه الجند فقتلوه، وشدت جراحة السلطان، وعاد إلى جيحون فتوفي، وكان ذلك يوم السبت عاشر ربيع الأول.
وكان لما بلغ أهل بخارى عبوره، وتقدمت سريته، اجتاحت ونهبت، واجتمع الصالحون وصاموا ودعوا عليه فهلك.
فلما مات جمع العسكر، وجلس ولده على سدة الملك، والأمراء قيام، فقال له نظام الملك: تكلم أيها السلطان! فقال: الأكبر منكم أبي، والأوسط أخي، والأصغر ولدي، وسأفعل معكم ما لم أسبق إليه. فأمسكوا فأعاد القول فأجابوا بالسمع والطاعة.
وتولى نظام الملك وأبو سعد المستوفي أخذ البيعة عليهم، وإطلاق الأموال لهم، وزيدوا في الجامكية ما قدره سبع مائة ألف دينار، وساروا إلى مرو، فدفن السلطان بها إلى جنب قبر أبيه، وجلس الوزير فخر الدولة للعزاء بالسلطان في صحن السلام يوم الأحد الثامن من جمادى الأولى، وخرج في يوم الثلاثاء توقيع من الخليفة يتضمن الجزع علي السلطان، ويذكر سعيه في مصالح المسلمين، وفتكه بالروم، وغلقت الأسواق أيام العزاء، وأقامت خاتون زوجة الخليفة العزاء والمناحة، وجلست على التراب.
ووردت كتب السلطان إلى دار الخلافة في ثامن رجب يذكر وفاة والده، ويسأل إقامة الخطبة، فأقيمت من غد على المنابر.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید