المنشورات

ناصر بن محمد بن علي التركي المضافري ، / أبو منصور، والد شيخنا أبي الفضل بن ناصر

ولد سنة سبع وثلاثين وأربعمائة وقرأ القرآن بالقراءات، وسمع الحديث من أبي الحسين بن المهتدي، وأبي جعفر ابن المسلمة، والصريفيني، وغيرهم، وكتب الكثير من اللغة، وقال الشعر، فكان أبو بكر الخطيب يرى له ويقدمه على الأشياخ، وتولى قراءة التاريخ عليه بحضرة الشيوخ، وكان ظريفا صبيحا، وتوفي في حداثته ليلة الأحد الثالث عشر من ذي القعدة من هذه السنة فرثاه شيخنا أَبُو عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن عبد الوهاب الدباس [5] ويعرف بالبارع.
أنبأنا أبو عبد الله البارع أنه قَالَ:
سلام وأني يرد السلاما ... معاشر في الترب أمسوا رماما
لدى البيد صرعى كأن الحمام ... سقاهم بكأس المنايا مداما
أحباءنا في بطون الثرى ... فأبلين تلك الوجوه الوساما
فلو تبصر العين ما في الصفيح ... نهاها تخوفها أن تناما
ألا هل أرى لكم أوبة ... وللشمل بعد الفراق التئاما
ألا كل يوم مطايا المنون ... تحف بكم موحدا أو تؤاما
نحيي ضرائحكم إنها ... تضمن قوما علينا كراما
سلام على جدث بالعراق ... أغمدت بالأمس فيه حساما
أناصر يفديك من لو أطاق ... دافع عنك المنايا وحامى [1]
دفنت العلا والتقى والعفاف ... والحلم والعلم فيه حماما
/ أناصر لو أن لي ناصرا ... صببت على الموت موتا زؤاما 88/ ب
هو الدهر لا يتقى ضيمه ... لشيء فأجدر أن لا يضاما
أناديك إذ لات حين الدعاء ... بمسمعه لو أطقت الكلاما
لقد خصني يا قرين الشباب ... فيك المصاب وعم الاناما
وأجدني منك ريب المنون ... ظمآن لم أشف منك الأواما
وكيف يطير مهيض الجناح ... خانته عند النهوض القدامى
وأطفئ بالدمع نار الحشا ... ويأبى لها الوجد إلا ضراما
وكنت ألام على أدمعي ... فأيقنت بعدك أن لا ألاما
فلا استشعر القلب عنك السلو ... ولا ازداد بعدك إلا هياما
إذا رام صبرا تمثلت فيه ... فأقصى خيالك ذاك المراما
وما أنا من بعد علم اليقين ... أحسب يومك إلا مناما
لقد كنت غرة وجه الزمان ... فقد عاد من عاد بشر جهاما
وكنت على تاجه درة ... [تضيء الدجى] [1] وتزين النظاما
فأضحى بك الله مستأثرا ... وجللنا بعد نور ظلاما
وضن بك الدهر عن أهله ... فنلت حميدا ولم تلق ذاما
وأيقنت أن الدنا للفناء ... فاعتضت في الخلد عيشا دواما
فغص ببرد الزلال امرؤ ... يرى أن ورد المنايا أماما
لتبك عليك فنون العلوم ... فقد كنت في كل فن إماما
وما كنت إلا قريع الزمان ... وما الناس بعدك إلا سواما
89/ أ/ ألا لا أرى مشكلات العلوم ... يزددن بعدك إلا انفحاما
فمن ذا يفرج عنا الهموم ... إذ ازدحمت في الصدور ازدحاما
ومن للمجالس صدر سواك ... إذا اضطرمت أبحر العلم عاما
ومن للمحاريب أهل سواك ... وقدما تقدمت فيها غلاما
تجاوزت في العلم حد الشيوخ ... وكل سنيك ثلاثون عاما
ولم أر كاليوم بدرًا سواك ... عاجل فيه السرار التماما
كفى حزنا أنني لا أرى ... ضريحك يزداد إلا لماما
وأن لو يفي بالإخاء الوفاء ... إذا لسقى ثراه استلاما
وإني لأنظر دون الصفيح ... بحار العلوم لديه نظاما
أرى زفراتي تحدو إلى ... ضريحك من عبراتي غماما
فيا ساكن القبر حيا ثراه ... مريض النسيم بريح الخزامى
ولا برحت بالغدو الشمال ... ولا بالأصائل فيه النعامى
وجاد أصيل الغيث فكاكه ... تبل الثرى وتروي العظاما
ولا كحل الترب تلك الجفون ... ولا اضمحل [2] اللحد ذاك القواما
وحاشا لسانا تلا ما تلوت ... يصبح للدود يوما طعاما
وحاشا لكف يخط العلوم ... تعري أشاجعها والسلامي
فلست أرى جثث الأولياء ... على الدود في الأرض إلا حراما
يهون وجدي أني غدا ... كما قد لقيت ملاق حماما
وأن سوف يجمعنا موقف ... ترى الخلق في حافتيه قياما
عليك السلام فإني امرؤ ... على القرب والبعد أهدى السلاما




مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید