المنشورات

عبد الخالق بن عيسى بن أحمد بن محمد بن عيسى بن أحمد بن موسى بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن العباس بن عبد المطلب، أبو جعفر بن أبي موسى الهاشمي

ولد سنة إحدى عشرة وأربعمائة، وكان عالما فقيها، ورعا عابدا زاهدا، قؤولا بالحق لا يحابي أحدا، ولا تأخذه في الله لومة لائم.
سمع أبا القاسم بن بشران، وأبا محمد الخلال، وأبا إسحاق البرمكي، وأبا طالب العشاري وغيرهم، وتفقه على القاضي أبي يعلى، ثم ترك الشهادة قبل وفاته، ولم يزل يدرس في مسجده بسكة الخرقي من باب البصرة وبجامع المنصور، ثم انتقل إلى الجانب الشرقي فدرس في مسجد مقابل لدار الخلافة ثم انتقل لأجل الغرق إلى باب الطاق، وسكن درب الديوان من الرصافة، ودرس بجامع المهدي، وبالمسجد الذي على باب درب الديوان، وكان له مجلس نظر، ولما احتضر القائم بأمر الله قَالَ: يغسلني عبد الخالق. ففعل ولم يأخذ [مما هناك] [1] شيئا فقيل له: قد وصى لك أمير المؤمنين بأشياء كثيرة. فأبى أن يأخذ. فقيل له: فقميص أمير المؤمنين تتبرك به. فأخذ فوطة نفسه فنشفه بها، وقال: قد لحق هذه الفوطة بركة أمير المؤمنين.
ثم استدعاه في مكانه المقتدى فبايعه منفردا، فلما وصل إلى بغداد أبو نصر بن القشيري ظهرت الفتن، فكان هو شديدا على المبتدعة وقمعهم، وحبس فضج الناس من حبسه، وإنما حبس قطعا للفتن في دار والناس يدخلون عليه، وقيل له: نكون قريبا 97/ ب منك نراجعك في أشياء، فلما اشتد مرضه/ تحامل بين إثنين، ومضى إلى باب الحجرة وقال: قد جاء الموت، ودنا الوقت، وما أحب أن أموت إلا في بيتي بين أهلي: فأذن له، فمضى إلى بيت أخته بالحريم الظاهري.
وقرأت بخط أبي على بن البناء، قَالَ: جاءت رقعة بخط الشريف أبي جعفر ووصيته إلى الشيخ أبي عبد الله بن جردة فكتبتها وهذه نسختها: ما لي يشهد الله سوى الدلو والحبل أو شيء يخفي على لا قدر له، والشيخ أبو عبد الله، لئن راعاكم بعدي وإلا فاللَّه لكم، قَالَ الله عز وجل: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا الله 4: 9 [2] ومذهبي الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وما عليه مالك [وأحمد] [3] والشافعي، وغيرهم ممن يكثر ذكرهم، والصلاة بجامع المنصور إن سهل ذلك عليهم، ولا يقعد لي عزاء، ولا يشق على جيب، ولا يلطم خد، فمن فعل ذلك فاللَّه حسيبه.
فتوفي ليلة الخميس للنصف من صفر، وتولى غسله أبو سعيد [4] البرداني وابن الفتى، لأنه أوصى إليه بذلك، وكانا قد خدماه طول مرضه، وصلى عليه يوم الجمعة بجامع المنصور فازدحم الناس، وكان يوما مشهودا لم ير مثله، وكانت العوام تقول:
ترحموا على الشريف الشهيد القتيل المسموم، لأنه قيل إن بعض المبتدعة ألقى سما في مداسه. ودفن إلى جانب قبر أحمد بن حنبل، وكان الناس يبيتون هناك كل ليلة أربعاء ويختمون الختمات، وتخرج المتعيشون فيبيعون المأكولات، وصار ذلك فرجة للناس، ولم يزالوا كذلك إلى أن جاء الشتاء فامتنعوا، فختم على قبره في تلك المدة أكثر من عشرة آلاف ختمة.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید