المنشورات

ابن بهمنيار كاتب خمار تكين الشرابي اجتمع مع السلطان

 وتكلم على نظام الملك وقال انه سرق [2] من الأموال كل سنة سبعمائة ألف دينار، وأقام وجوها بها [3] في كل بلد، وضمن أصبهان بزيادة سبعين ألف دينار [4] ، فأخذت من يد ضامنها وسلمت إليه، وجاء في أثناء هذا رجل صوفي إلى نظام الملك، فأخرج له قرصين/ 105/ ب وسأله أن يتبرك بأكل شيء منهما، وذكر أنهما فاضل إفطار بعض الزهاد هناك [5] فلما مد يده إليهما أومأ إليه صوفي آخر بأن لا تفعل، فإنهما مسمومان، وهما من دسيس ابن بهمنيار، فاختبر أفصح ذلك فيهما، وأخذ الصوفي ليقتل فمنع نظام الملك من ذلك وبره بشيء، وشكا ذلك إلى السلطان فقال ابن بهمنيار في الجواب: هذه موضوعة عليّ لتكون سببا [6] إلى إبعادي عن السلطان، وتضييع المال الذي أقمت وجوهه، فصدق السلطان قوله ولم يسمع فيه، ثم آل الأمر إلى أن كحل وكفى النظام أمره.
وفي يوم الخميس حادي عشر ذي الحجة: توفي داود ولد السلطان جلال الدولة بأصفهان، فلحقه عليه ما زاد على المعهود، ولم يسمع بأمثاله، ورام قتل نفسه دفعات، فمنعه خواصه، ومنع من أخذه وغسله لقلة صبره على فراقه، إلى أن تغير فمكن من ذلك، وامتنع عن المطعم والمشرب، ونزع أثواب الصبر، وأغلق أبواب السلو، وجز الأتراك والتركمان شعورهم، وكذلك نساء الحشم والحواشي والخيول، وأقام أهل البلد المأتم في المنازل والأسواق، وبقيت الحال على هذا سبعة أيام، وخرج السلطان بعد شهر إلى الصيد وكتب بخطه رقعة يقول فيها: أما أنا يا ولدي داود فقد خرجت إلى الصيد، وأنت غائب عني، وعندي من الاستيحاش لفراقك والا نزعاج لبعدك عني، والبكاء على أخذك مني، ما أسهر ليلى، ونغص عيشي، وقطع كبدي، وضاعف كمدي، فأخبر أنت بعدي مالك وحالك، وما غير البلى منك، وما فعل الدود بجسمك، والتراب بوجهك وعينك، وهل عندك على مثل ما عندي، وهل بلغ الحزن بك ما بلغ بي، فوا شوقاه إليك، ووا حسرتاه عليك، ووا أسفا على ما فات منك.
وحملت الرقعة إلى نظام الملك فقرأها وبكى بكاء شديدا، وجمع الوجوه والمحتشمين وقصد بهم القبر، وقرأ الرقعة عليه وارتج المكان بالبكاء والعويل، وتجدد الحزن في البلد/ واللطم وعادت المصيبة كأول يوم، وجلس الوزير عميد الدولة [1] 106/ أللعزاء في صحن السلام ثلاثة أيام أولها يوم السبت لثلاث بقين من ذي الحجة.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید