المنشورات

وقوع الفتنة بين السّنّة والشيعة

وفي شوال: وقعت الفتنة بين السنة والشيعة، وتفاقم الأمر إلى أن نهبت قطعة من نهر الدجاج، وطرحت النار، وكان ينادي على نهوب الشيعة إذا بيعت في الجانب الشرقي: هذا مال الروافض وشراؤه وتملكه حلال.
وفي ذي الحجة: قدم السلطان أبو الفتح ملك شاه إلى بغداد ألزمته خاتون بهذا لتنقل ابنتها إلى الخليفة، فدخل دار المملكة والعوام يترددون إليه ولا يمنعون، وضرب 126/ أالوزير نظام الملك سرادقة في الزاهر ليقتدي به العسكر ولا ينزلون في دور الناس، فلم يقدم أحد على النزول في دار أحد، وركب السلطان إلى مشهد الإمام [4] أبي حنيفة رضي الله عنه [5] فزاره، وعبر إلى قبر معروف وقبر موسى بن جعفر والعوام بين يديه، وانحدر إلى سلمان فزاره، وأبصر إيوان كسرى، وزار مشهد الحسين عليه السلام، وأمر بعمارة سوره، ويمم إلى مشهد علي عليه السلام فأطلق لمن فيه ثلاثمائة دينار، وتقدم باستخراج نهر من الفرات يطرح الماء إلى النجف فبدئ فيه، وعمل له الطاهر نقيب العلويين [المقيم هناك] [6] سماطا كبيرا.
وفي ليلة الاثنين سابع ذي الحجة: مضت والدة الخليفة وعمته إلى خاتون في دار المملكة، فضربت سرادقا من الدار إلى دجلة، ونزلت إليهما فخدمتهما، وصعدتا إلى دار المملكة، ثم نزلتا وهي معهما وانحدرن.
وفي ليلة الخميس سابع عشر هذا الشهر: وصل النظام إلى الخليفة من التاج ومشي وحده إلى أن وصل إليه وهو جالس من وراء الشباك فخدم، فقربه وأدناه وأخرج يده من الشباك إليه فقبلها ووضعها علي عينه، وخاطبه بما جمله به.
وكان جماعة من الفقراء يأوون إلى كويخات بباب الغربة، فتقدم أمير المؤمنين بأن يشتري لكل واحد دارا بالمقتدية، وبالمسعودة، والمختارة، وملكوها ونقضت كويخاتهم.
126/ ب وتوفي فقير صاحب مرقعة بجامع المنصور كان/ يسأل الناس، فوجدوا في مرقعته ستمائة دينار مغربية.
وظهر فيها بين ديار بني أسد وواسط عيّار مقطوع اليد اليسرى، كان يقع علي القفل بنفسه فيقتل ويمثل ويأخذ المال، وكان يغوص عرض دجلة في غوصتين، وكان يقفز خمسة عشر ذراعا، ويتسلق الحيطان الملس، ولا يقدر [1] عليه فخرج عن أرض العراق سالما.
وفي هذه السنة: صنع سيف الدولة سماطا للسلطان جلال الدولة بظاهر الأجمة في الجانب [2] الشرقي، ذكر أنه ذبح ألف كبش ومائة رأس دواب وجمال، وأنه سبك عشرين ألفا منا سكرا، وكان السماط أحسن شيء، وقد علق عليه ما صنع من منفوخ السكر من الطيور والوحوش، وأنواع التماثيل، فحضر السلطان، وأشار إلى شيء منه، ثم نهب وانتقل إلى طعام خاص، ومجلس عبي له سرادق ديباج فيه خيم ديباج اشتمل على خمسمائة قطعة من أواني الفضة، وزين بتماثيل الكافور والعنبر و [الندو] [3]المسك الأذفر، فجلس وقضي منه وطرا، فلما نهض خدم سيف الدولة بحمل عشرين ألف [1] دينار، والسرادق والأواني، وقبل الأرض بين يديه وانصرف.
وفي هذه السنة: وقعت العرب علي الحاج فقاتلوهم يومهم، وأمسوا يسألون الله النجاة، فبلغ العرب أن قوما منهم علموا خلو أبياتهم فاستاقوا مواشيهم فولوا.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید