المنشورات

محمد بن طاهر بن علي بن أحمد/ أبو الفضل المقدسي الحافظ.

ولد سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، وأول ما سمع وكتب في سنة ستين، وسافر وكتب الكثير، وكان له حفظ الحديث ومعرفة به، وصنف فيه إلا أنه صنف كتابا سماه «صفوة التصوف» يضحك منه من يراه ويعجب من استشهاده على مذاهب الصوفية بالأحاديث التي لا تناسب ما يحتج له من نصرة الصوفية، وكان داودي المذهب، فمن أثنى عليه فلأجل حفظه للحديث ومعرفته به وإلا فالجرح أولى به، ذكره أبو سعد ابن السمعاني وانتصر له بغير حجة بعد أن قال: سألت شيخنا إِسْمَاعِيل بن أحمد الطلحي الحافظ عن محمد بن طاهر فأساء الثناء عليه، وكان سيّئ الرأي فيه.
قال: وسمعت أبا الفضل ابن ناصر يقول محمد بن طاهر لا يحتج به، صنف كتابا في جواز النظر إلى المرد، وأورد فيه حكاية عن يحيى بن معين، [قال] [1] : رأيت جارية بمصر مليحة صلى الله عليها فقيل له تصلى عليها؟ فقال: صلى الله عليها وعلى كل مليح [2] ثم قال: كان يذهب مذهب الإباحة.
قال ابن السمعاني: وذكره أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الدقاق الحافظ فأساء الثناء عليه جدا، إلى أشياء ثم انتصر له السمعاني، فقال: لعله قد تاب.
فوا عجبا ممن سيره قبيحة فيترك الذم لصاحبها لجواز أن يكون قد تاب، فما أبله هذا المنتصر، ويدل على صحة ما قاله ابن ناصر من أنه كان يذهب مذهب الإباحة.
ما أنبأنا به أبو المعمر المبارك بن أحمد الأنصاري، قال أنشدنا أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي لنفسه:
دع التصوف والزهد الذي اشتغلت ... به جوارح أقوام من الناس
/ وعج على دير داريا فإن به ... الرهبان ما بين قسّيس وشماس 53/ ب
فاشرب معتقة من كف كافرة ... تسقيك خمرين من لحظ ومن طاس
ثم استمع رنة الأوتار من رشأ ... مهفهف طرفة أمضى من الماس
غنى بشعر امرئ في الناس مشتهر ... مدون عندهم في صدر قرطاس
لولا نسيم بذكراكم يروحني ... لكنت محترقا من حر أنفاسي
قال المصنف رحمه الله: فالعجب من ابن السمعاني قد روى عنه هذه القصيدة، وطعن الأكابر فيه ثم رد ذلك بلا شيء.
توفي محمد بن طاهر في ربيع [الأول] [3] من هذه السنة، ودفن بمقبرة العقبة بالجانب الغربي عند رباط البسطامي، ولما احتضر جعل يردد هذا البيت.
وما كنتم تعرفون الجفا ... فممن ترى قد تعلمتم






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید