المنشورات

إقامة السلطان ببغداد طول السنة

وأقام السلطان طول السنة [4] ببغداد، وقد كانت عادته المقام بباب همذان في زمان الصيف، وأجرى النهر البارع من نهر الجبل إليها، ورحل إلى النهروان وبعث إلى الخليفة [5] بغلة وأربعة أرؤس من خيل، وألف دينار مغربية مثقبة، وخمسة أمناء كافور، ومثلها مسكا وأربعين ثوبا سقلاطون، وطلب من الخليفة شيئا من ملبوسه ولواء ومصحفا.
وفي جمادي الأولى من هذه السنة: رتب القاضي أبو العباس الرطبي على باب النوبي إلى جانب حاجب الباب، وخلع عليه بعد ذلك خلعة جميلة.
وفيها: دخل أمير الجيوش إلى مكة قاهرا لأميرها مذلا له، قال ابن عقيل:
فحكى لي أمير الجيوش أنه دخل إلى مكة بخفق البنود وضرب الكوسات ليذل السودان وأميرهم، قال: وحكاه لي متبجحا بذلك ذاهلا عن حرمة المكان فسمعته منه متعجبا وشهد قلبي أنه آخر أمره لتعاظم الكعبة عندي، وقلت: لما رجعت إلى بيتي أنظر إلى جهل هذا الحبشي ولم ينبهه أحد ممن كان معه من عالم بالشرع أو بالسير، وذكرت قوله خلأت القصواء، فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ، فَلَمَّا أَعْطَاهُمْ مَا أَرَادُوا أُطْلِقَتُ نَاقَتُهُ، وَقَدْ صِينَ الْمَسْجِدُ عَنْ إِنْشَادِ ضَالَّةٍ حَتَّى قِيلَ لِطَالِبِهَا لا وَجَدْتَ، فَكَيْفَ بِحَبَشِيٍّ يَجِيءُ بِدَبَادِبِهِ مُعَظِّمًا لِنَفْسِهِ. فَلَمْ يَعُدْ إِلَيْهَا، وَأَعْقَبَهُ اللَّه [سُبْحَانَهُ] [1] النَّكَالَ وَالاسْتِئْصَالَ.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید