المنشورات

عقيل بن على بن عقيل بن محمد بن عقيل، أبو الحسن ابن الإمام أبي الوفاء

ولد ليلة إحدى وعشرين من رمضان سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، وتفقه، وكان له فهم وحفظ حسن، سمع الحديث، وشهد عند قاضي القضاة محمد بن على الدامغاني، وتوفي في منتصف المحرم عن سبع وعشرين سنة، ودفن في داره بالظفرية، ثم نقل لما توفي أبوه فدفن في دكة أحمد بن حنبل.
وظهر من أبيه صبر جميل، دخل عليه بعض أصحابه وهو جالس يروحه بعد موته [2] فكأنه أحس من الداخل بإنكار ذلك، فقال له: انها جثة على كريمة فما دامت بين يدى لم يطب قلبي إلا بتعاهدها [3] ، فإذا غابت فهي في استرعاة من هو لها خير مني.
58/ أوقال: / لولا أن القلوب توقن باجتماع يا بني لتفطرت المرائر لفراق الأحباب.
قال المصنف: ونقلت من خطه قال: لما أصبت بولدي عقيل خرجت إلى المسجد إكراما لمن قصدني من الناس والصدور فجعل قارئ يقرأ: يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً 12: 78 [4] فبكى الناس وضج الموضع بالبكاء، فقلت له: يا هذا إن كان قصدك بهذا تقبيح الأحزان فهو نياحة بالقرآن، وما نزل القرآن للنوح، إنما نزل ليسكن الأحزان، فأمسك.
ونقلت من خط أبى الوفاء ابن عقيل، قال: ثكلت ولدين نجيبين أحدهما حفظ القرآن وتفقه مات دون البلوغ- يشير إلى ولده أبى منصور وقد ذكرنا وفاته في سنة ثمان وثمانين- والآخر مات وقد حفظ كتاب الله وخط خطا حسنا يشار إليه، وتفقه وناظر في الأصول والفروع، وشهد مجلس الحكم، وحضر الموكب وجمع أخلاقا حسنة ودماثة وأدبا، وقال شعرا جيدا- يشير إلى عقيل هذا- قال: فتعزيت بقصة عمرو بن عبد ود العامري الذي قتله على عليه السلام، فقالت أمه ترثيه:
لو كان قاتل عمرو غير قاتله ... ما زلت أبكي عليه دائم الأبد
لكن قاتله من لا يقاد به ... من كان يدعى أبوه بيضة البلد
[1] فقلت سبحان الله:
كذبت وبيت الله لو كنت صادقا ... لما سبقتني بالعزاء النساء
كما قال الشاعر:
كذبت وبيت الله لو كنت عاشقا ... لما سبقتني بالبكاء الحمائم
[2] وذاك أن أم عمرو كانت يسليها ويعزيها جلالة القاتل والافتخار بأن ابنها مقتوله فهلا نظرت إلى قاتل ولدي وهو الأبدي/ الحكيم المالك الأعيان المربى [بأنواع] [3] 58/ ب الدلال [4] ، فهان القتيل والمقتول بجلاله القاتل، وقتله إحياء في المعنى إذ كان إماتهما على أحسن خاتمة، الأول لم يجر عليه قلم والآخر وفقه للخير وختم له بلوائح وشواهد دلت على الخير.
قال ابن عقيل: وسألني رجل فقال: هل للطف من علامة؟ فقلت: أخبرك بها عن ذوق، كانت عادتي التنعم فلما فقدت ولدي تبدلت خشن العيش. ونفسي راضية.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید