المنشورات

قتل العيارين مسلحيا بالمختارة

وقتل العيارون مسلحيا بالمختارة، فشكا الشحنة سعد الدولة إلى الديوان ما يتم منهم، واستأذن في أخذ المتشبهين فأذن له فأخذ [1] من كان مستورا وغير مستور، فغلقت المساجد مع صلاة المغرب ولم يصل بها أحد العشاء.
وتصيد السلطان في شعبان، ثم قدم فمضى إليه القاضي الزينبي وابن الأنباري وإقبال ونظر والأماثل، فحلف السلطان بمحضر منهم للخليفة على الطاعة والمناصحة ثم أنفذ السلطان في عشية ذلك اليوم هدية إلى الخليفة.
فلما كان يوم الاثنين رابع عشرين شعبان جلس المسترشد في الدار الشاطئية المجاورة للمثمنة، وهى من الدور البديعة التي أنشأها المقتدى وتممها المسترشد، فجلس في قبة على سدة وعليه الثوب المصمت الأسود [2] ، والعمامة الرصافية، وعلى كتفه بردة النبي صلى الله علية وسلم، وبين يديه القضيب، وحضر الدار وزيره أبو على بن صدقة ورتب الأمور وأقام في كل باب حاجبا بمنطقة ومعه عشرون غلاما من الدار، وانفرد حاجب المخزن ابن طلحة في مكان ومعه التشريف، وجلس الوزير في كم الحيرتي [3] ، واستدعى له أرباب المناصب، وحضر متقدمو العلماء وأتى وزير السلطان أبو [الحسن على [4] بن] أحمد السميرمي [5] والمستوفي وخواص دولتهم، ثم وقف الوزير أبو علي بن صدقة عن يسار السدة والوزير/ أبو طالب عن يمينه، ثم أقبل السلطان محمود 80/ ب ويده في يد أخيه مسعود وكان قد نفذ إليه الزبزب مع إقبال [ونظر] [6] ، فلما صعد منه قدم مركوبة عند المثمنة فركب إلى باب الدركاه ثم مشى من هناك، فلما قرب استقبله الوزيران ومن معهما وحجبوه إلى بين يدي الخليفة، فلما قاربوا كشفت الستارة لهما ووقف السلطان في الموضع الذي كان وزيره قائما فيه وأخوه مما يليه فخدما ثلاث دفعات، ووقفا والوزير ابن صاعد يذكر له عن الخليفة أنسه به وتقربه وحسن اعتقاده فيه، ثم أمر الخليفة بإفاضة الخلع عليه فحمل إلى مجنب البهو ومعه أخوه وبر نقش وريحان،وتولى إفاضة ذلك عليه صاحب المخزن وإقبال ونظر، وفي الساعة التي كان مشتغلا فيها بلبس الخلع كان الوزيران قائمين بين يدي الخليفة يحضران الأمراء أميرا أميرا فيخدم ويعرف خدمته فيقبل الأرض وينصرف، ثم عاد السلطان وأخوه فمثلا بين يدي الخليفة وعلى محمود الخلع السبعة والطوق والتاج والسواران فخدما وأمر الخليفة بكرسي فجلس عليه السلطان، ووعظه الخليفة وتلا عليه قوله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ 99: 7- 8 [1] ، وأمره بالإحسان إلى الرعية، ثم أذن للوزير أبي طالب في تفسير ذلك عليه، ففسره وأعاد عنه أنه قال: وفقني الله لقبول أوامر مولانا أمير المؤمنين وارتسامها، فالسعادات معها متيسرة. وهي بالخيرات مبشرة، وسلم الخليفة إلى الوزيرين سيفين وأمرهما أن يقلدا بهما السلطان، فلما فعلا قال له: اقمع بهما الكفار والملحدين.
وعقد الخليفة بيده لوائين حملا معه، وخدم، ثم خرج فقدم إليه في صحن الدار 81/ أفرس من مراكب/ الخليفة بمركب حديد صيني وقيد بين يديه أربعة أفراس بمراكب ذهب، وأذن الخليفة بعد ذلك لأرباب الدولة وأهل العلم والأشراف والعدول، وعرفه الوزير رجلا رجلا منهم، والخليفة ملتفت إليه مصغ إلى أدعيتهم، معط لكل واحد ما يصلح من النظر إليه ومن خطابه، ثم صعد ابن صدقة في اليوم الذي يلي هذا اليوم في الزبزب إلى السلطان، فتعرف خبره عن الخليفة، وأفاض عليه الملابس التي كانت على الخليفة وقت جلوسه، وانحدر الوزير إلى دار الوزير أبي طالب فخلع عليه، وأطال مقامه عنده وخلوا في مهمات تجارياها.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید