المنشورات

أَحْمَد بن مُحَمَّد بن محمد، أبو الفتوح الغزالي الطوسي

أخو أبى حامد، كان متصوفا متزهدا في أول أمره، ثم وعظ فكان متفوها وقبله العوام. وجلس في بغداد في التاجية ورباط بهروز، وجلس في دار السلطان محمود فأعطاه ألف دينار، فلما خرج رأى فرس الوزير في دهليز الدار بمركب ذهب وقلائد وطوق فركبه ومضى فأخبر الوزير، فقال: لا يتبعه أحد ولا يعاد إلى الفرس، وخرج يوما إلى ناعورة فسمعها تئن، فرمى طيلسانه عليها، وكان له نكت لطيفة إلا أن الغالب على كلامه التخليط ورواية الأحاديث الموضوعة والحكايات الفارغة والمعاني الفاسدة، وقد علق عنه كثير من ذلك، وقد رأينا من كلامه الذي علق عنه وعليه خطه إقرار بأنه كلامه.
فمن ذلك أنه قال: قال موسى رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ، 7: 143 قيل له: لَنْ تَرانِي 7: 143، فقال [1] :
هذا شأنك تصطفي آدم ثم تسود وجهه وتخرجه من الجنة، وتدعوني إلى الطور ثم تشمت بي الأعداء، هذا عملك بالأخيار، كيف تصنع بالأعداء.
وقال: نزل إسرافيل بمفاتيح الكنوز على رسول الله صلى الله عليه وسلم [2] وجبريل جالس عنده فاصفر وجه جبريل، فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [يا إسرافيل [3]] هل نقص مما عنده شيئا، 102/ ب قال: لا، قال: ما لا ينقص الواهب/ ما أريده. وقال: دخل يهودي إلى الشيخ أبي سعيد، فقال أريد أن أسلم، فقال له: لا ترد، فقال الناس: يا شيخ تمنعه من الإسلام، فقال له: تريد ولا بد، قال: نعم، قال:
برئت من نفسك ومالك، قال: نعم، قال: هذا الإسلام عندي احملوه الآن إلى الشيخ أبي حامد حتى يعلمه لا- لا المنافقين يعني لا إله إلا الله- قال أحمد الغزالي: الذي يقول لا إله إلا الله غير مقبول ظنوا أن قول لا إله إلا الله منشور ولايته أفنسوا عزله [4] .
وحكى عنه القاضي أبو يعلى أنه صعد المنبر يوما، فقال: معاشر المسلمين كنت دائما أدعوكم إلى الله فأنا اليوم أحذركم منه، والله ما شدت الزنانير إلا من حبه، ولا أديت الجزية إلا في عشقه.
[وأنبأنا مُحَمَّد بن ناصر الحافظ، عن مُحَمَّد بن طاهر المقدسي قال: كان أحمد الغزالي آية من أيات الله تعالى في الكذب، توصل إلى الدنيا بالوعظ، سمعته يومًا بهمذان يقول: رأيت إبليس في وسط هذا الرباط يسجد لي فقال له: ويحك، إنه الله عز وجل أمره بالسجود لآدم فأبى. فقال: والله لقد سجد لي أكثر من سبعين مرة. فعلمت أنه لا يرجع إلى دين ومعتقد. قال: وكان يزعم أنه يَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عيانًا في يقظته لا في نومه، وكان يذكر على المنبر أنه كلما أشكل عليه أمر رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله على ذلك المشكل فدله على الصواب.
قال: وسمعته يومًا يحكي عن بعض المشايخ، فلما نزل سألته عنها فقال: أنا وضعتها في الوقت.
قال: وله من هذه الجهالات والحماقات ما لا يحصى.
قال مؤلف الكتاب:] [1] وكان أحمد الغزالي يتعصب لإبليس ويعذره، حتى قال يوما: لم يدر ذاك المسكين أن أظافر القضاء إذا حكت أدمت وقسى القدر إذا رمت أصمت ثم انشد.
وكنا وليلى في صعود من الهوى ... فلما توافينا ثبت وزلت
وقال: التقي موسى وإبليس عند عقبة الطور، فقال: يا إبليس لم لم تسجد لآدم؟ فقال كلاما كنت لأسجد لبشر يا موسى ادعيت التوحيد وأنا موحد، ثم التفت إلى غيره وأنت قلت أرني فنظرت إلى الجبل فأنا أصدق منك في التوحيد، قال: أسجد للغير ما سجدت من لم يتعلم التوحيد من إبليس فهو زنديق، يا موسى كلما ازداد محبة لغيري ازددت له عشقا.
قال المصنف [2] : لقد عجبت من هذا الهذيان الذي قد صار عن جاهل بالحال، فإنه لو كان إبليس [غار [3]] للَّه محبة ما حرض الناس على المعاصي، ولقد أدهشني نفاق هذا الهذيان في بغداد وهي دار العلم، ولقد حضر مجلسه يوسف الهمذاني، فقال: مدد كلام هذا شيطاني لا رباني ذهب دينه والدنيا لا تبقى له.
وشاع عن أحمد الغزالي [4] أنه كان يقول بالشاهد، وينظر إلى/ المردان 103/ أ ويجالسهم، حتى حدثني أبو الحسين بن يوسف أنه كتب إليه في حق مملوك له تركي، فقرأ الرقعة ثم صاح باسمه، فقام إليه وصعد المنبر فقبل بين عينيه، وقال: هذا جواب الرقعة.
توفي أبو الفتوح في هذه السنة.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید