المنشورات

محمد بن عبد الله بن أحمد بن حبيب، أبو بكر العامري المعروف بابن الجنازة

سمع ببغداد أبا محمد التميمي، وأبا الفوارس طراد، / وأبا الخطاب بن النظر، 140/ أوأبا عبد الله بن طلحة، وسمع بنيسابور من جماعة وببلخ وهراة، ودخل مرو، وجال في خرسان، وشرح كتاب «الشهاب» وكانت له معرفة بالحديث والفقه، وكان يتدين ويعظ ويتكلم على طريقة التصوف والمعرفة من غير تكلف الوعاظ، فكم من يوم صعد المنبر وفي يده مروحة يتروح بها وليس عنده أحد يقرأ كما تفعل القصاص، وقرأت عليه كثيرا من الحديث والتفسير، وكان نعم المؤدب، يأمر بالإخلاص وحسن القصد، وكان ينشد:
كيف احتيالي وهذا في الهوى حالي ... والشوق أملك بي من عذل عذالي
وكيف أسلو وفي حبي له شغل ... يحول بين مهماتي وأشغالي
وبنى رباطا بقراح ظفر، فاجتمع جماعة من المتزهدين فلما احتضر قال له أصحابه: أوصنا، فقال: أوصيكم بثلاث: بتقوى الله، ومراقبته في الخلوة، واحذروا مصرعي هذا عشت إحدى وستين سنة، وما كأني رأيت الدنيا. ثم قال لبعض أصحابه:
انظر هل ترى جبيني يعرق؟ قال: نعم فقال: الحمد للَّه هذه علامة المؤمن. يريد بذلك قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «المؤمن يموت بعرق الجبين [1] » ثم بسط يده عند الموت، وقال:
ها قد مددت يدي إليك [2] فردها ... بالفضل لا بشماتة الأعداء
وهذا البيت لأبي نصر القشيري تمثل به شيخنا هذا، وقال: أرى المشايخ بين أيديهم أطباق وهم ينتظرونني، ثم مات ليلة الأربعاء منتصف رمضان هذه السنة، ودفن في رباطه وجاء الغرق في سنة أربع وخمسين فهدم تلك المحلة والرباط وعفي أثر القبر.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید