المنشورات

عمل بثق النهروان

وفيها: عمل بثق النهروان [2] ، وخلع بهروز على الصناع جميعهم جباب ديباج رومي وعمائم قصب مذهبة وبنى عليه قرية سماها المجاهدية، وبنى لنفسه تربة هناك، ووصل السلطان عقيب فراغه وجريان الماء في النهر فقعد هو والسلطان في سفينة وسارا في النهر المحفور، وفرح السلطان بذلك وقيل انه عاتبه في تضييع [3] المال فقال له: قد أنفقت عليه سبعين ألف دينار، أنا أعطيك إياها من ثمن التبن وحده.
ثم أنه عزله من الشحنكية وولى قزل: فظهر من العيارين ما حير الناس، وذاك أن كل قوم منهم احتموا بأمير فأخذوا الأموال وظهروا مكشوفين، وكانوا يكبسون الدور بالشموع، ويدخلون الحمامات وقت السحر فيأخذون الأثواب، وكان ابن الدجاجي 8/ أجالسا ليلة بالحربية/ فكبسوها وأخذوا عمامته، ودخلوا إلى خان بسوق الثلاثاء بالنهار، وقالوا: ان لم تعطونا أحرقنا الخان، ولبس الناس السلاح لما زاد النهب، وأعانهم وزير السلطان، فظهروا وقتلوا المصالحة، وزادت الكبسات حتى صار الناس لا يظهرون من المغرب، ثم ان السلطان أطلق الناس في العيارين فتتبعوا ودخل مسعود إلى داره، ومضى إليه الوزير ابن جهير يوم الثلاثاء خامس عشرين ربيع الأول من هذه السنة، ودخل الوزير ابن طراد [1] إلى السلطان مسعود وسأله أن يسأل أمير المؤمنين ان يرضى عنه ويعيده إلى داره فسلمه إلى وزيره، وقال له: تمضي إلى [وتسأل] [2] أمير المؤمنين بشفاعتي وأخذه صحبته إلى داره التي في الأجمة وأقام عنده أياما والرسل تردد بينه وبين أمير المؤمنين والساعي في ذلك صاحب المخزن وأمير المؤمنين يعد ذنوبه ومكاتباته وإساءاته ومضى الوزير في الشفاعة، وجعل يقول: يا مولانا ما زالت العبيد تجني والموالي تعفو وقد اتصل السؤال من جانبي سنجر ومسعود فأجاب وعفا عنه.
فلما كان يوم الثلاثاء سابع عشر ربيع الأول ركب الوزيران في الماء وجميع الأمراء والخدم والخواص ويرنقش الزكوي ودخلوا من باب الشط فقعدوا في بيت النوبة واستأذنوا فأذن لوزير السلطان وحده فدخل وقبل الأرض ووقف بين يدي أمير المؤمنين، وقال: يا مولانا السلطان سنجر يسأل ويتضرع الى أمير المؤمنين في قبول الشفاعة في الزينبي وكذلك مسعود يقبل الأرض ويقول له حق خدمة وأن كان بدا منه سيئة فقد قال الله تعالى: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ 11: 114 [3] وقال: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا 24: 22 [4] ورأى أمير المؤمنين في ذلك أعلى فأخذ أمير المؤمنين يعدد سيئاته، ثم قال: عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمن عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ 5: 95 [5] ، وقد أجبت السلطانين إلى سؤالهما وعفوت عنه ثم 8/ ب أذن له فدخل هو والأمراء/ فوقفوا وراء الشباك وكشفت الستارة فقبلوا الأرض بين يديه ثم مضى إلى داره وعاد الوزير إلى مسعود فأخبره بما جرى.
وفي جمادى الأولى في كانون الأول: أوقدت النيران على السطوح ببغداد ثلاث [ليال] [1] وضربت الدبادب والبوقات حتى خشي على البلد من الحريق، فنودي في الليلة الرابعة بإزالته.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید