المنشورات

جلوس المقتفي واستعراضه العسكر

وفي ثامن عشرين جمادى [1] الأولى: جلس المقتفي في منظرة الحلبة واستعرض/ العسكر وحفرت الخنادق ببغداد ونودي بلبس العوام السلاح وأن يمنعوا عن أنفسهم 28/ أوأموالهم وكان البقش نازلا في دار تتر فلما مضى إليه الغزنوي رسولا رحل إلى ظاهر البلد تطييبا لقلب الخليفة وانقطعت الحرب، فلما كانت عشية الثلاثاء سادس جمادى الآخرة بعث الخليفة ليلا فغلق الباب الحديد من عقد السور مما يلي جامع السلطان وبنوا خلفه وسدوه سدا قاطعا وكان لألبقش في سوق السلطان مخزن فيه طعام ورحل فنهبه العوام فأصبح العسكر فرأوا باب السور مسدودا فركب منهم نحو ألف فارس وجاءوا إلى السور مما يلي باب الجعفرية ففتحوا فيه فتحات وصعدوا وبعثوا رجالا فنقضوا البناء الذي خلف العقد وكسروا الباب الجديد وأخذوا منه قطعا وبعث البقش رسولا إلى الخليفة: لأي شيء سددتهم في وجوهنا وقد كنا نسترفق من سوق السلطان، فلم يلتفت إلى قوله وخرج قوم من العوام فقاتلوا باب الأجمة فاستجرهم العسكر فانهزموا بين يديه فأخذ بهم فركبوا السور ونزلوا يطلبون الخيم وهناك كمين قد تكمن لهم فخرج عليهم فانهزموا فضربوهم بالسيوف فقتلوا منهم نحوا من خمسمائة ولم يتجاسر أحد يخرج إلى القتلى فنادوهم تعالوا خذوا قتلاكم.
فلما جاءت عشية ذلك اليوم جاء الأمراء فرموا أنفسهم تحت الرقة بازاء التاج وقالوا ما كان هذا بعلمنا وأنما فعله أوباش لم نأمرهم به فعبر إليهم خادم وقبح فعلهم وقال: إنما كان الذين قتلتم نظارة، فاعتذروا فلم يقبل عذرهم فأقاموا الى الليل وقالوا:
28/ ب/ نحن قيام على رءوسنا ما نبرح، أو يأذن لنا أمير المؤمنين ويعفو عن جرمنا، فعبر إليهم الخادم وقال: أمير المؤمنين يقول أنا قد عفوت عنكم فامضوا واستحلوا من أهل القتلى ثم تقدم بإصلاح ثلم السور وخرج العوام بالدبادب والبوقات وجاء أهل المحال فعمر وحفر خندقه واختلف العسكر واجتمع البقش وابن دبيس والطرنطاي فساروا يطلبون الحلة وأخذ الدكز الملك وطلب بلاده وسكن الناس.
وفي رجب وقع الغلاء والقحط ودخل أهل القرى والرساتيق إلى بغداد لكونهم نهبوا فهلكوا عريا وجوعا.
وتوفي قاضي القضاة الزينبي، وتقلد القضاء أبو الحسن علي بن أحمد بن علي بن محمد الدامغاني، وخرج له التوقيع بالتقليد، وخلع عليه فركب إلى جامع القصر فجلس فيه وقرأ ابن عبد العزيز الهاشمي عهده على كرسي نصب لَهُ.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید