المنشورات

إشراف أمير المؤمنين على القلعة

وأشرف أمير المؤمنين يوم الأربعاء الخامس عشرين من ربيع الأول على القلعة، ووقع القتال بين يديه فقتل جماعة فساء له ذلك ورأى الزمان يطول في أخذها فرحل عنها ودخل بغداد في آخر هذا الشهر ثم تقدم إلى الوزير بعوده إلى حصارها واستعداد آلة كثيرة مما يحتاج إليه في فتح القلاع، فخرج يوم الاثنين سابع ربيع الآخر [3] ونادى من تخلف بعد ثلاث أبيح ماله ودمه وجيء بالأمراء وعرض [1] العسكر وكانوا ستة آلاف فارس فنزلوا الى القلعة وانصرف إلى القلعة بثلاثمائة ألف دينار سوى الإقامة فإنها كانت تزيد على الفكر فقرب فتحها فوصل الخبر بأن مسعود بلال جاء إلى شهرابان في عسكر عظيم ومعه ألبقش ونهب الناس فاستدعى الوزير للخروج إليهما وكانا قد حثا السلطان محمدا على قصد العراق فلم يتهيأ له فاستأذناه في التقدم أمامه فأذن لهما فجمعا جمعا كثيرا من التركمان ونزلا بطريق خراسان فخرج الخليفة إليهما فنفذ مسعود من أخرج أرسلان شاه بن طغرل [2] من قلعة تكريت، وكان محبوسا بها وجعلوا القتال عليه ليكون اسم الملك جامعا للعسكر [وتلازم العسكران] [3] على نهر بكمزا فعبر الخليفة اليهم 42/ أفتلازموا ثمانية عشر يوما وتحصن التركمان/ بالخركاهات والمواشي ويقال: إنهم كانوا اثني عشر ألف بيت من التركمان ثم برزوا للقتال آخر يوم من رجب فكانت الوقعة فانهزمت ميسرة العسكر الخليفي وبعض القلب وكان بازائهم مسعود الخادم وترشك حتى بلغت الهزيمة إلى باب بغداد وثبت الخليفة وضربوا على خزانته وقتل خازنه يحيى بن يوسف ابن الجزري فلما رأى العسكر الميسرة قد انهزمت ضعفت [4] قلوبهم فجاء منكوبرس، وكان فارسا شديد البأس ومعه هويذان فنزلا عن [5] الخيل، وقبلا الأرض بين يدي أمير المؤمنين وقالوا: يا مولانا تثبت علينا ساعة حتى نحمل بين يديك فإذا رأيناك قويت قلوبنا، فقال: لا والله إلا معكما! فرفع الطرحة عن رأسه وجذب السيف ولبس الحديد هو وولي العهد وبكرا وصاح أمير المؤمنين: يال مضر كذب الشيطان [وفر] [6] وقرأ: وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً 33: 25 [7] الآية.
وحمل وحمل العسكر بحملته فوقع السيف في العدو، وسمع صوت السيوف على الحديد كوقع المطارق على السنادين وانهزم القوم وتم الظفر وسبى التركمان وأخذت أموالهم من الإبل والبقر والغنم ما لا يحصى، وقيل كانت الغنم اربعمائة ألف رأس فبيع كل كبش بدانق لكثرتها، ونودي: من كان أخذ من أولاد التركمان/ أو نسائهم فليرد، 42/ ب ذلك، فردوا، فأخذ البقش الملك وهرب إلى بلده وطلب مسعود وترشك القلعة ودخل الخليفة إلى بغداد في غرة شعبان.
ووصل الخبر في العشرين من شعبان: بأن مسعودا وترشك قصدا واسط ونهبوا ما يختص بالوزير فتقدم إلى الوزير بالخروج فخرج ومعه العسكر في خامس عشرين شعبان فانهزم العدو فلحقهم ونهب منهم رحلا كثيرا [1] وعاد فدخل الوزير على الخليفة فشرفه بقميص وعمامة ولقبه سلطان العراق ملك الجيوش.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید