المنشورات

البَرْده

بضم الباء وسكون الراء: كلمة معربة؛ وأصلها في الفارسية: يرده تعنى: الستر، أو الحجاب، أو النقاب، أو قماش مصور يعلق على الجدران، وهى كذلك في عامية العراقيين، وقد حرفت في لغة أهل الشام إلى "براديه" بالباء وجمعها البرادى (3).
البُرْدَة: قطعة من الصوف كانت تستعمل منذ العصر الجاهلى، تتخذ عباءة بالنهار وغطاء بالليل، واشتهرت بصفة خاصة بردة النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- التى وهبها كعب بن زهير مكافأة له على قصيدته التى مدحه بها، وقد اشترى معاوية هذه البردة من ابن كعب، واحتفظ بها خلفاء بنى العباس ضمن نفائسهم إلى أن احتل المغول مدينة بغداد، فأمر هولاكو بإحراقها، ويُقال إن بردة النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- الحقيقية لم تحرق ولا تزال موجودة بالأستانة (4). والبردة جمعها برود، وبرود اليمن يقال له: وشى اليمن وعَصْب اليمن، ويضرب به المثل في الحسن، وتشبه به الرياض والألفاظ؛ كما قال البحترى:
جئناك نحمل ألفاظًا مديحة ... كأنما وشيها من يمْنة اليمن (5)
والبردة من لباس النبى -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان الخليفة يلبسها في المواكب، وهى شملة مخططة، أو هى كساء أسود مربع فيه صفرة، أو هى قطعة طويلة من القماش الصوفى السميك يستعمله الناس لإكساء أجسامهم في النهار، وغطاء أثناء الليل، ولونها أسمر أو رمادى (1). والبردة في صعيد مصر: كساء، وهو ملاءة كبيرة تلتف بها المرأة وتلتفع بها على كتفيها، ثم تثنى طرفها، فتلف بها رأسها ووجهها وتشبكها بدبوس على الكتف (2). وكان أسعد أبو كرب الحميرى أول من كسا الكعبة الأنطاع والبرود؛ وفى ذلك يقول بعض حمير:
وكسونا البيت الذى عظم ... اللَّه مُلاءً مُقصَّبا وبرودا (3).
والذى يؤكد وجود بردة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- زمن الأمويين، أن المسعودى يورد بيتين للوليد بن يزيد بن عبد الملك يقول فيهما:
طال ليلى وبِتُّ أُسْقى السُّلافة ... وأتانى نعىُّ من بالرُّصافة
وأتانى ببردة وقضيب ... وأتانى بخاتم للخلافة (4)
ومن هذين البيتين نعرف أن من لوازم الخلافة: البردة والقضيب والخاتم ولما قُتل مروان بن محمد آخر الأمويين، كان خادمه قد دفن ميراث النبوة في قرية بوصير بمصر، فتتبعه العباسيون وأمروه أن يخرج ميراث النبوة فإذا البرد والقضيب والمِخْصر قد دفنها مروان لئلا تصير الخلافة إلى بنى هاشم، فوجّه بها عامر بن إسماعيل إلى عبد اللَّه بن على، فوجه بها عبد اللَّه إلى أبى العباس السفاح، فتداولت ذلك خلفاء بنى العباس إلى أيام المقتدر، فيقال إن البرد كان عليه في يوم مقتله، ولست أدرى أكل ذلك باق مع المتقى للَّه إلى هذا الوقت؛ وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة في نزوله الرقّة أم قد ضُيِّع ذلك (1). وفى الصحيح عن سهل بن سعد قال: جاءت امرأة ببردة منسوجة، قال أتدرون ما البردة: كساء مخطط، وقيل كساء مربع أسود، فقيل: نعم هى الشملة منسوج في حاشيتها، فقالت: يا رسول اللَّه إنى نسجت هذه بيدى فجئت أكسوكها، فأخذها النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- (2). والبردة -كما وصفها Lane في ترجمته لكتاب ألف ليلة وليلة: هى قطعة طولية من القماش الصوفى السميك، الذى يستعمله الناس لإكساء أجسامهم به خلال النهار والمتخذ كذلك غطاء أثناء الليل، أما لون هذا القماش فأسمر، أو رمادى، ويبدو أن هذا النسيج كان في العهود القديمة مخططا على الدوام. وكان هذا اللباس مستعملًا في الأندلس، ولقد اشتق الأسبان من كلمة: برد صفة هى Burdo التى سموا بها نسيجًا غليظًا، كما سموا بها رداء غليظًا.
ويبدو أن البرد كان معروفًا كثيرًا لدى فلاحى مصر في الأزمنة الغابرة، وكانوا يرتدونه فوق قميص واسع فضفاض.
وقد كانت طائفة من سكان دمياط قد مهرت على وجه الخصوص في حياكة الأقمشة المنقوشة بألوان مختلفة، والتى تصنع منها البرود.
كما كانت اليمن -بصورة خاصة- مشهورة بحياكة الأقمشة التى كانت تصنع منها البرود (3).





مصادر و المراجع :

١- المعجم العربي لأسماء الملابس «في ضوء المعاجم والنصوص الموثقة من الجاهلية حتى العصر الحديث»

إعداد: د. رجب عبد الجواد إبراهيم (كلية الآداب - جامعة حلوان)

تقديم: أ. د/ محمود فهمي حجازي (كلية الآداب - جامعة القاهرة، عضو مجمع اللغة العربية)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید