المنشورات

الطَّاقِيَّة

الطَّاقِيَّة بفتح الطاء وكسر القاف وتشديد الياء: كلمة عامية مُولَّدة؛ وهي إما مشتقة من: التقية؛ أي وقاية الرأس من الحر والقرّ؛ وإما من: الطاق؛ والطاق في العربية: ضرب من الثياب، الطيلسان الأخضر؛ كل ما استدار، الكساء، الخمار (2)؛ وكل ما حدث هو إضافة ياء النسب ومعاملة اللفظة معاملة المؤنث.
وإما من الكلمة التركية الفارسية: طاقيه التي تعنى نوعًا من القلانس الطوال على هيئة القبة (3).

والطاقية: غطاء للرأس من الصوف أو القطن ونحوهما؛ والجمع: الطواقى.
وقد وردت لفظة الطاقية في القرن السادس الهجري عند الرحالة الأندلسيّ أبي حامد الغرناطى؛ وذلك في قوله: وفي بحر الروم سمك يُسمَّى الرعَّاد، وتوجد هذه السمكة بنيل مصر على الصفة المذكورة، ومن خواصه أن يعمل من جلده طاقية وتُلبس للصداع فيسكن" (4).
ووردت كذلك في القرن الثامن الهجري عند ابن بطوطة؛ في قوله: "فأهويت إلى قدميه أقبلهما، وطلبت منه أن يلبسنى طاقية من رأسه" (5).
وفي قوله: "فلما دخلت عليه للوداع قام إلى جانب الغار، وجرَّد الفرجية، وألبسنيها مع طاقية من رأسه، ولبس مُرقَّعة" (1).
وقد كانت الطاقية في بدايتها للصبيان والبنات؛ ثم كثر لبس رجال الدولة من الأمراء والمماليك والأجناد ومن يتشبه بهم في لبس الطواقى في الدولة الجركسية، وصاروا يلبسون الطاقية على رؤوسهم بغير عمامة، ويمرون كذلك في الشوارع والأسواق والمواكب لا يرون بذلك بأسًا، بعد ما كان نزع العمامة عن الرأس عارًا وفضيحة.
وقد نوَّعوا هذه الطواقى ما بين أخضر وأحمر وأزرق وغيره من الألوان؛ وكانت أولًا ترتفع نحو سدس ذراع ويعمل أعلاه مدورًا مُسطحًا.
وحدث في أيام الملك الناصر فرج شيء عُرف بالطواقى الجركسية يكون ارتفاع عصابة الطاقية منها نحو ثلثى ذراع وأعلاها مدوَّر ومقبب، وقد بالغوا في تبطين الطاقية فيما بين البطانة المباشرة للرأس والوجه الظاهر للناس، وجعلوا من أسفل العصابة المذكورة زيقًا من فرو القرض الأسود يقال له القندس في عرض نحو ثمن ذراع بصيرًا دائرًا بجبهة الرجل.
ويعلل المقريزى تشبه النساء بالرجال قى لبس الطواقى ذات الإطار الفرو بأنه أولًا فشا في أهل الدول المملوكية محبة الذكران فقصد نساؤهم التشبه بهم لاستمالة قلوب رجالهن، فاقتدى بهن عامة نساء مصر، وثانيًا لانخفاض مستوى المعيشة مما اضطر نساء مصر إلى ترك الذهب والفضة والجواهر ولبس هذه الطواقى.
وظل استعمال هذا الزى إلى القرن التاسع الهجري؛ ومن عيوب هذا الزى أنه كان يشبه الرجال بالنساء (2).
وقد كان المماليك يلبسون طواقى من الصوف، وهي ثقيلة الوزن وقاسية الملمس، وتتألف من لونين مختلطين؛ اللون الأخضر في الأسفل، واللون الثاني الأسود في الأعلى.
وفي القرن الماضي في مصر أصبحت الطاقية تشير إلى عرقية بيضاء مصنوعة من القطن الناعم المطرز الحواشى عادة؛ وهي تلى الرأس مباشرة وتُلبس تحت الطربوش الأحمر.
وقد تكوِّن الطاقية مع الشاش الأبيض الذي يلف حولها العمامة. وقد صارت الطاقية وحدها هي غطاء الرأس في معظم الريف المصري؛ وتتخذ من القطن أو الصوف أو الجوخ؛ ولها ألوان مختلفة؛ ويغلب عليها اللون الأبيض أو البنى، وقلَّما نجد أحدًا في الريف المصري لا يرتدى الطاقية (1).





مصادر و المراجع :

١- المعجم العربي لأسماء الملابس «في ضوء المعاجم والنصوص الموثقة من الجاهلية حتى العصر الحديث»

إعداد: د. رجب عبد الجواد إبراهيم (كلية الآداب - جامعة حلوان)

تقديم: أ. د/ محمود فهمي حجازي (كلية الآداب - جامعة القاهرة، عضو مجمع اللغة العربية)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید