المنشورات

‏الرؤية الادبية ٍ

الرؤية أي الوعي الاجتماعي تشتمل على الايد۔ولوجية
( الرؤية الفكرية ) والسيكولوجيا الاجتماعية ‎٠‏ وهناك خلط
بدائي بينهما : فهناك تلك النزعة التبسيطية التي تسمي
جوانب مختلفة في الفن والعالم الداخلي رؤية فكرية ‎٠‏ وتشمل
السيكولوجيا الاجتماعية كل الاوجه الحسية العقلية والارادية
والحدسية في الادراك الانساني ‎٠‏ ويشمل العالم الداخلي للانسان السيكولوجيا الفردية والخصائص الشخصية
والانطباعات والخواطر التي لا ينتظمها نسق والمعاني
والانقعالات والميول والسمات المميزة للشخصية والعادات
واللاشعور ‎٠‏ ويجسد الادب كل جوانب الحياة الروحية للاننشان
في تداخلها وترابطها الطبيعي ‎٠‏ ولا شك في أن عملية تشكيل
الرؤية الادبية الفنية عملية معقدة ولا تقف عند الانتقاء
الايديولوجي والتقييم والادراك العقلي 2 فهي تتضمن
الحدس والخيال والانفعال والدوافع اللاشعورية ‎٠‏ فكل كيان
الكاتب الروحي ينهمك في عملية الخلق ‎٠‏ وخيال الفنان هو
القوة الخلاقة التي ترتب المواد الاولية وتشكلها في كل
موحد » ويعطيها الشكل الذي ينظم تيار الانطباعات
المتباينة ‎٠‏

ولا يؤكد الاديب الخلاق رؤيته بالفكر وحده » بل بكل
حواسه ‎٠‏ فالتاكيد الانفعالي للذات الانسانية له دور كبير
في التمثل الجمالي للعالم ‎٠‏ فلا ينفصل التفكير المبدع وفقا
لمعايير الجمال عن الادراك الانفعالي ‎٠‏

ولا يقدم في الادب اعلاما في المحل الاول } فهو لا يقدم
« معلومات » الا تلك التي تنضهم في تشكيل العالم الروحي
والانفعالي للانسان ‎٠‏ وليس ثمة تضاد مطلق بين الفكر
والشعور أو بين المعرفة والاثر الانفعالي > فالادب يقدم
نماذج وتعميمات لظواهر الحياة ‎٠‏ ولا ينفصل في عملية
الخلق ما هو انفعالي عما هو معرفي وخاصة عند خلق
النماذج ‎٠‏ ويتحول الانففال الى فلسفة في الفن الروائي
ولكنها فلسفة تقدم في شكل يتمثلها انفعاليا ‎٠‏ ولا توجد
المفهومات الفلسفية في الفن كمواد مباشرة بل كبواعث
تكمن وراء تطور التجربة الفنية وتشكلها ‎٠‏ وليس معنى ذلك أن ليس ثمة تناقضات بين الايديولوجية والسيكولوجيا.
الاجتماعية ) فكثيرا ما تحتدم تلك التناقضات بين تلقائية
الاستجابات السيكولوجية للواقع المباشر ج والقالب العقلي
الايديولوجي المتوارث ذي الاتساق الفكري الى هذه الدرجة
أو تلك ‎٠‏ وقد يكون لتلك التناقضات خصوبتها في التصوير
الادبي ‎٠‏ فلينت الرؤية الفنية شيئا ذاتيا فحسب لا يرتبط
الا بالمواقف الشخصية للكاتب تجاه مواده وذوقه" الشخصي
( فليس ذلك الا جانبا مهما من المسالة ) » بل ان هناك
مقدمات موضوعية اجتماعية تحدد الرؤية الفنية للواقع ‎٠‏
‏وتبدو نظرة الكاتب الى الحياة في الطريقة التي يميز بها
بين .الجوهري والعرضي والقريب والبعيد والقديم والجديد
وتحديد مكان التاكيد او التخفيف ‎٠‏ فكل تجسيد للواقع
يستتبع تقويما © وثمة وحدة حافلة بالتناقض بين الصدق
الفني ووجهة نظر الكاتب داخل الاعمال الادبية ‎٠‏ فاعمال
تولستوي لا تعكس ضروب الصراع في الحياة فحسب بل
تعكس تناقضات رؤيته آينضا ‎٠‏ فليست النظرة الى العالم
في الادب متكاملة دائما أو متناغمة دائما ء فهي معقدة
ومتضاربة في الكثير من الاحوال ‎٠‏ فليس هناك تطابق آلي
بين ما ف ذهن الكاتب وبين ما قاله أو استطاع قوله ونجح
او أخفق في قوله بالفعل ‎٠‏ فهناك منطق الواقع وعملياته
ووقائعه الموضوعية التي تعدل من نوابا الكاتب الاصلية ‎٠‏
‏وعلى الرغم من أهمية قوة الملاحظة والمقدرة والخبرة الفنية
فان « المواد » التي يكتب بها ومن خلالها مثل السيكولوجيا
الاجتماعية والفردية قادرة على أن تقدم مقاومة كبيرة
لتحيزه وتعاطفه وعدائه ‎٠‏ والكثير من الكتاب يتجاوزون
في اعمالهم مفهوماتهم ورؤيتهم الشخصية ‎٠‏ فلينت الرؤية
الفنية نظرة الى العالم متجسدة في صور ‎٠‏

 

مصادر و المراجع :

١- موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم

المؤلف: محمد بن علي ابن القاضي محمد حامد بن محمّد صابر الفاروقي الحنفي التهانوي (المتوفى: بعد 1158هـ)

٢- شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم

المؤلف: نشوان بن سعيد الحميرى اليمني (ت ٥٧٣هـ)

٣- لسان العرب

المؤلف: محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (ت ٧١١هـ)

٤- تاج العروس من جواهر القاموس

المؤلف: محمّد مرتضى الحسيني الزَّبيدي

٥- كتاب العين

المؤلف: أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري (ت ١٧٠هـ)

٦- معجم اللغة العربية المعاصرة

المؤلف: د أحمد مختار عبد الحميد عمر (ت ١٤٢٤ هـ) بمساعدة فريق عمل

٧- المعجم الوسيط

المؤلف: مجمع اللغة العربية بالقاهرة

(إبراهيم مصطفى / أحمد الزيات / حامد عبد القادر / محمد النجار)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید