المنشورات

أهل الله

كَانَ يُقَال لقريش فِي الْجَاهِلِيَّة أهل الله لما تميزوا بِهِ عَن سَائِر الْعَرَب من المحاسن والمكارم والفضائل والخصائص الَّتِى هى أَكثر من أَن تحصى
فَمِنْهَا مجاورتهم بَيت الله تَعَالَى وإيثارهم سكن حرمه على جَمِيع بِلَاد الله وصبرهم على لأواء مَكَّة وشدتها وخشونة الْعَيْش بهَا
وَمِنْهَا مَا تفردوا بِهِ من الإيلاف والوفادة والرفادة والسقاية والرياسة واللواء والندوة
وَمِنْهَا كَونهم على إِرْث من دين أبويهم إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام من قرى الضَّيْف ورفد الْحَاج والمعتمرين وَالْقِيَام بِمَا يصلحهم وتعظيم الْحرم وصيانته عَن البغى فِيهِ والإلحاد وقمع الظَّالِم وَمنع الْمَظْلُوم وَمِنْهَا كَونهم قبْلَة الْعَرَب وَمَوْضِع الْحَج الْأَكْبَر يُؤْتونَ من كل أَوب بعيد وفج عميق فَترد عَلَيْهِم الْأَخْلَاق والعقول والآداب والألسنة واللغات والعادات والصور وَالشَّمَائِل عفوا بِلَا كلفة وَلَا غرم وَلَا عزم وَلَا حِيلَة فيشاهدون مَا لم تشاهده قَبيلَة وَلَيْسَ من شَاهد الْجَمِيع كمن شَاهد الْبَعْض وَلَا المجرب كالغمر وَلَا الأريب كالعتل فكثرت الخواطر واتسع السماع وأنفسحت الصُّدُور بالغرائب الَّتِى تتَّخذ والأعاجيب الَّتِى تحفظ فثبتت تِلْكَ الْأُمُور فِي صُدُورهمْ وأضمرت وتزاوجت فتناتجت وتوالدت وصادفت قريحة جَيِّدَة وطينة كَرِيمَة وَالْقَوْم فِي الأَصْل مرشحون لِلْأَمْرِ الجسيم فَلذَلِك صَارُوا أدهى الْعَرَب وأعقل الْبَريَّة وَأحسن النَّاس بَيَانا وصارا أحدهم يُوزن بِأمة من الْأُمَم وَكَذَلِكَ ينبغى أَن يكون الإِمَام فَأَما الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد كَانَ يزن جَمِيع الْأُمَم
وَمِنْهَا ثبات جودهم وجزيل عطاياهم واحتمالهم الْمُؤَن الْغِلَاظ فِي أَمْوَالهم المكتسبة من التِّجَارَة وَمَعْلُوم أَن الْبُخْل وَالنَّظَر فِي الطفيف مقرون بِالتِّجَارَة الَّتِى هى صناعتهم والتجار هم أَصْحَاب التربيح والتكسب والتدنيق والتدقيق وَكَانَ فِي اتِّصَال جودهم العالي على الأجواد من قوم لَا كسب لَهُم من التِّجَارَة عجب من الْعجب وأعجب من ذَلِك أَنهم من بَين جَمِيع الْعَرَب دانوا بالتحمس والتشدد فِي الدّين فتركوا الْغَزْو كَرَاهَة للسبي وَاسْتِحْلَال الْأَمْوَال فَلَمَّا زهدوا فِي الغصوب لم يبْق مكسبة سوى التِّجَارَة فَضربُوا فِي الْبِلَاد إِلَى قَيْصر بالروم وَالنَّجَاشِي بِالْحَبَشَةِ والمقوقس بِمصْر وصاروا بأجمعهم تجارًا خلطاء فَكَانُوا مَعَ طول ترك الْغَزْو إِذا غزوا كالأسود على فرائسها مَعَ الرأى الْأَصِيل والبصيرة النافذة
فَهَذَا يسير من كثير خصائصهم فِي الْجَاهِلِيَّة وَلما جَاءَ الله تَعَالَى بِالْإِسْلَامِ وَبعث مِنْهُم خير خلقه وَأفضل رسله مُحَمَّدًا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تظاهر شرفهم وتضاعف كرمهم وصاروا على الْحَقِيقَة أَهلا لِأَن يدعوا أهل الله فاستمر عَلَيْهِم وعَلى سَائِر أهل مَكَّة وعَلى أهل الْقُرْآن هَذَا الأسم حَيْثُ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أهل الْقُرْآن هم أهل الله وخاصته) وَقَالَ لعتاب بن أسيد لما بَعثه إِلَى مَكَّة
هَل تدرى على من اسْتَعْمَلْتُك اسْتَعْمَلْتُك على أهل الله
وَسَأَلَ عمر بن الْخطاب رضى الله عَنهُ نَافِع بن عبد الْحَارِث الخزاعى حِين قدم عَلَيْهِ من مَكَّة من اسْتخْلفت على مَكَّة قَالَ ابْن أَبْزَى قَالَ أتستخلف على أهل الله مولى قَالَ إِنَّه أقرؤهم لكتاب الله تَعَالَى قَالَ إِن الله تَعَالَى يرفع بِالْقُرْآنِ أَقْوَامًا
قَالَ بعض السّلف حَسبك من قُرَيْش أَنهم أهل الله وَأقرب النَّاس بُيُوتًا من بَيت الله وأقربهم قرَابَة من رَسُول الله وَلم يسم الله تَعَالَى قَبيلَة باسمها غير قُرَيْش وَصَارَت فيهم وَلَهُم الْخِصَال الْأَرْبَع الَّتِى هى أشرف خِصَال الْإِسْلَام النُّبُوَّة والخلافة والشورى والفتوح فَلَيْسَ الْيَوْم على ظهر الأَرْض وممالك الْعَرَب والعجم وَفِي جَمِيع الأقاليم السَّبْعَة ملك فِي نِصَاب نبوة وإمامة فِي مغرس رِسَالَة إِلَّا من قُرَيْش وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْأَئِمَّة من قُرَيْش) وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (قدمُوا قُريْشًا وَلَا تتقدموها وتعلموا مِنْهَا وَلَا تعلموها) وينشد
(إِن قُريْشًا هى من خير الْأُمَم ... لَا يضعون قدما على قدم) أى يتبعُون وَلَا يتبعُون
وَقَالَ الْأَعْشَى وَهُوَ يُعَاتب رجلا ويخبر أَنه مَعَ شرفه لم يبلغ مبلغ قُرَيْش
(فَمَا أَنْت من أهل الْحجُون وَلَا الصَّفَا ... وَلَا لَك حق الشّرْب فِي مَاء زَمْزَم)
وسيمر بك فِي هَذَا الْكتاب من نكت فضائلهم وغرر غرائبهم مَا تكْثر فَائِدَته وتطيب ثَمَرَته وَإِن كَانَ لَا مزِيد على وصف الجاحظ لَهُم ومدحه إيَّاهُم وتخصيصه بنى هَاشم مِنْهُم فَإِنَّهُ رَحمَه الله ألْقى جمة فَصَاحَته واستنزف بَحر بلاغته فِي فصل لَهُ وَهُوَ قَوْله
الْعَرَب كالبدن وقريش روحها وهَاشِم سرها ولبها وَمَوْضِع غَايَة الدّين وَالدُّنْيَا مِنْهَا وَبَنُو هَاشم ملح الأَرْض وزينة الدُّنْيَا وحلى الْعَالم والسنام الأضخم والكاهل الْأَعْظَم ولباب كل جَوْهَر كريم وسر كل عنصر لطيف والطينة الْبَيْضَاء والمغرس الْمُبَارك والنصاب الوثيق ومعدن الْفَهم وينبوع الْعلم وثهلان ذُو الهضبات فِي الْحلم وَالسيف الحسام فِي الْعَزْم مَعَ الأناة والحزم والصفح عَن الجرم والإغضاء عَن العثرة وَالْعَفو عِنْد الْقُدْرَة وهم الْأنف الْمُتَقَدّم والسنام ألاكوم والعزم المشمخر والصيانة والسر وكالماء الذى لَا يُنجسهُ شَيْء وكالشمس لَا تخفى بِكُل مَكَان وكالنجم للحيران وَالْمَاء الْبَارِد للظمآن وَمِنْهُم الثَّقَلَان والطيبان والسبطان والشهيدان وَأسد الله وَذُو الجناحين وَسيد الوادى وساقى الحجيج وحليم الْبَطْحَاء وَالْبَحْر والحبر وَالْأَنْصَار أنصارهم وَالْمُهَاجِر من هَاجر إِلَيْهِم أَو مَعَهم وَالصديق من صدقهم والفاروق من فرق بَين الْحق وَالْبَاطِل مِنْهُم والحوارى حواريهم وَذُو الشَّهَادَتَيْنِ لِأَنَّهُ شهد لَهُم وَلَا خير إِلَّا هم أَو فيهم أَو لَهُم أَو مَعَهم أَو انضاف إِلَيْهِم وَكَيف لَا يكونُونَ كَذَلِك وَمِنْهُم رَسُول رب الْعَالمين وَإِمَام الْأَوَّلين والآخرين وَسيد الْمُرْسلين وَخَاتم النَّبِيين الذى لم تتمّ لنَبِيّ نبوة إِلَّا بعد التَّصْدِيق بِهِ والبشارة بمجيئه الذى عَم برسالته مَا بَين الْخَافِقين وأظهره الله على الدّين كُله وَلَو كره الْمُشْركُونَ فَقَالَ {نذيرا للبشر} وَقَالَ {قل يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي رَسُول الله إِلَيْكُم جَمِيعًا}
وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (بعثت إِلَى الْأَحْمَر وَالْأسود وَإِلَى النَّاس كَافَّة) وَقَالَ (نصرت بِالرُّعْبِ من مسيرَة شهر وَأعْطيت جَوَامِع الْكَلم وَعرضت على مَفَاتِيح خَزَائِن الأَرْض) وَقَالَ (أَنا أول شَافِع وَمُشَفَّع وَأول من تَنْشَق عَنهُ الأَرْض)
وَقد أقسم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بحياته فِي الْقُرْآن فَقَالَ {لعمرك إِنَّهُم لفي سكرتهم يعمهون} وَقَالَ {ن والقلم} استفتاح وَقسم ثمَّ قَالَ {وَمَا يسطرون} ) فأكد الْقسم وَفسّر الْمَعْنى ثمَّ قصد نبيه فَقَالَ {وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم} ولاعظيم أعظم مِمَّن عظمه الله كَمَا أَنه لَا صَغِير أَصْغَر مِمَّن صغره الله
فأى ممدوح أعظم وأفخر وأسنى وأكبر من ممدوح مادحه الله وناقل مديحه وراوية كَلَامه جِبْرِيل والممدوح مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ مؤلف الْكتاب وكما سمتهم الْعَرَب أهل الله سمى مُحَمَّد بن عبد الْملك ابْن صَالح الْهَاشِمِي ابْن آل الله وَكَانَ يطْلب مهاجاة مُحَمَّد بن يزِيد المسلمى من ولد مسلمة بن عبد الْملك بن مَرْوَان وَكَانَ المسلمى يَأْبَى ذَلِك وَيَقُول لَا أهاجى رجلا فِي دولته وَكَانَ إِذا فَخر فِي قصيدة نقض عَلَيْهِ مُحَمَّد فَمن ذَلِك قَول المسلمى
(أما صفاتى فلهَا شان ... )
وهى طَوِيلَة يفخر فِيهَا ببنى أُميَّة فَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الْملك على وَزنهَا قصيدة أَولهَا
(أَنا ابْن آل الله من هَاشم ... حَيْثُ نمى خير واحسان)
(من نبعة مِنْهَا نبى الْهدى ... مؤنقة وَالْفرع فينان)
(منا على بن أَبى طَالب ... ومنك مَرْوَان وسُفْيَان)
(مَوْلَاك فِي الْإِيمَان لَا تنسه ... إِن كَانَ فِي قَلْبك إِيمَان)
(آمن بِاللَّه وآياته ... وَأَنْتُم صم وعميان)
وَأول من قَالَ لَهُم عترة الله إِبْرَاهِيم بن المهدى فَإِنَّهُ لما أغارت الرّوم بعد أنصراف المعتصم على الْمُسلمين وأسرت خلقا كثيرا مِنْهُم دخل على المعتصم وأنشده قصيدة يحضه بهَا على جهادهم فَمِنْهَا قَوْله
(يَا عترة الله قد عَايَنت فانتقمى ... تِلْكَ النِّسَاء وَمَا مِنْهُنَّ يرتكب)
(هَب الرِّجَال على إجرامها قتلت ... مَا بَال أطفالها بِالذبْحِ تستلب)
وَقبل إِبْرَاهِيم قد جعلهم الْحَارِث بن ظَالِم المرى قرابين الله يتَقرَّب إِلَيْهِ بهم لأَنهم هم فَقَالَ
(إِذا فَارَقت ثَعْلَبَة بن سعد ... وإخوتهم نسبت إِلَى لؤى)
(إِلَى نسب كريم غير وغد ... وحى هم أكارم كل حى)
(وَإِن تعصب بهم نسبى فَمنهمْ ... قرابين الْإِلَه بَنو قصى) وفى الْمُنَاسبَة بَين العترة والقرابين خَفَاء
(بَيت الله) كَمَا أَن أهل مَكَّة أهل الله وَالْحجاج زوار الله فالكعبة بَيت الله الذى جعله الله مثابة للنَّاس وحطة للخليل وحلة للذبيح وقبلة لسَيِّد ولد آدم وَخَاتم الْأَنْبِيَاء صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكعبة لأمته الَّتِى هى خير الْأُمَم وَقد كَانَت الْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة لَا تبنى بنيانا مربعًا تَعْظِيمًا للكعبة وَقد كَانَت تحلف بِبَيْت الله كَمَا قَالَ زُهَيْر
(فأقسمت بِالْبَيْتِ الذى طَاف حوله ... رجال بنوه من قُرَيْش وجرهم) وَقَالَ النَّابِغَة
(فَلَا وَرب الذى قد زرته حجَجًا ... وَمَا هريق على الأنصاب من جَسَد)
وَقَالَ الله تَعَالَى حِكَايَة عَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام {رَبنَا إِنِّي أسكنت من ذريتي بواد غير ذِي زرع عِنْد بَيْتك الْمحرم رَبنَا ليقيموا الصَّلَاة فَاجْعَلْ أَفْئِدَة من النَّاس تهوي إِلَيْهِم وارزقهم من الثمرات لَعَلَّهُم يشكرون}
فَمن خَصَائِص الْحرم أَنه بواد غير ذى زرع وَلَا شجر وَيُوجد فِيهِ كل ثَمَرَات الْأَشْجَار وَالزَّرْع وَغَيرهَا
وَمن خَصَائِصه أَن الذِّئْب يريغ الظبى ويعارضه ويصيده فَإِذا دخل الْحرم كف عَنهُ
وَمن خَصَائِصه أَنه لَا يسْقط على الْكَعْبَة حمام إِلَّا وَهُوَ عليل عرف ذَلِك من أمتحنه وتعرف حَاله وَلَا يسْقط عَلَيْهَا مَا دَامَ صَحِيحا
وَمن خَصَائِصه أَن الطير إِذا حاذت الْكَعْبَة انفرقت فرْقَتَيْن وَلم تعلها
وَمن خَصَائِصه أَنه لَا يرَاهُ أحد مِمَّن لم يكن رَآهُ إِلَّا ضحك أَو بَكَى
وَمِنْهَا أَنه إِذا اصاب الْمَطَر الْبَاب الذى من شقّ الْعرَاق كَانَ الخصب فِي تِلْكَ السّنة بالعراق وَإِذا أصَاب الذى من شقّ الشَّام كَانَ الخصب بِالشَّام وَإِذا عَم جَوَانِب الْبَيْت كَانَ الخصب عَاما فِي الْبلدَانِ
وَمِنْهَا أَن الْجمار ترمى فِي ذَلِك المرمى مُنْذُ يَوْم حج النَّاس الْبَيْت على طول الدَّهْر ثمَّ كَانَت إِلَى الْيَوْم على مِقْدَار وَاحِد وَلَوْلَا أَنه مَوضِع الْآيَة 
وَقَالَ النَّابِغَة
(فَلَا وَرب الذى قد زرته حجَجًا ... وَمَا هريق على الأنصاب من جَسَد)
وَقَالَ الله تَعَالَى حِكَايَة عَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام {رَبنَا إِنِّي أسكنت من ذريتي بواد غير ذِي زرع عِنْد بَيْتك الْمحرم رَبنَا ليقيموا الصَّلَاة فَاجْعَلْ أَفْئِدَة من النَّاس تهوي إِلَيْهِم وارزقهم من الثمرات لَعَلَّهُم يشكرون}
فَمن خَصَائِص الْحرم أَنه بواد غير ذى زرع وَلَا شجر وَيُوجد فِيهِ كل ثَمَرَات الْأَشْجَار وَالزَّرْع وَغَيرهَا
وَمن خَصَائِصه أَن الذِّئْب يريغ الظبى ويعارضه ويصيده فَإِذا دخل الْحرم كف عَنهُ
وَمن خَصَائِصه أَنه لَا يسْقط على الْكَعْبَة حمام إِلَّا وَهُوَ عليل عرف ذَلِك من أمتحنه وتعرف حَاله وَلَا يسْقط عَلَيْهَا مَا دَامَ صَحِيحا
وَمن خَصَائِصه أَن الطير إِذا حاذت الْكَعْبَة انفرقت فرْقَتَيْن وَلم تعلها
وَمن خَصَائِصه أَنه لَا يرَاهُ أحد مِمَّن لم يكن رَآهُ إِلَّا ضحك أَو بَكَى
وَمِنْهَا أَنه إِذا اصاب الْمَطَر الْبَاب الذى من شقّ الْعرَاق كَانَ الخصب فِي تِلْكَ السّنة بالعراق وَإِذا أصَاب الذى من شقّ الشَّام كَانَ الخصب بِالشَّام وَإِذا عَم جَوَانِب الْبَيْت كَانَ الخصب عَاما فِي الْبلدَانِ
وَمِنْهَا أَن الْجمار ترمى فِي ذَلِك المرمى مُنْذُ يَوْم حج النَّاس الْبَيْت على طول الدَّهْر ثمَّ كَانَت إِلَى الْيَوْم على مِقْدَار وَاحِد وَلَوْلَا أَنه مَوضِع الْآيَة والعلامة والأعجوبة الَّتِى فِيهَا لقد كَانَ كالجبال هَذَا من غير أَن تكسحه السُّيُول أَو يَأْخُذهُ النَّاس
وَمن سُنَنهمْ أَن من علا الْكَعْبَة من العبيد فَهُوَ حر لَا يرَوْنَ الْملك على من علاها وَلَا يجمعُونَ بَين عز علوها وذل الرّقّ وبمكة رجال من الصلحاء لم يدخلوها قطّ إعظاما لَهَا
وَمن يَسْتَطِيع ان يدعى الْإِحَاطَة بفضائل بَيت الله وخصائصه
وَمن بارع التمثل بِهِ قَول بعض الْمُحدثين فِي الْحسن بن مخلد وَقد خلع عَلَيْهِ
(أَبَا مُحَمَّد المسعود طالعه ... فت الْبَريَّة طرا أَيّمَا فَوت)
(زهت بك الخلعة الميمون طائرها ... كزهو خلعة بَيت الله بِالْبَيْتِ) وَقَالَ آخر
(وكعبة الله لَا تُكْسَى لإعواز ... )




مصادر و المراجع :

١- ثمار القلوب في المضاف والمنسوب

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید