المنشورات

(ندامة الكسعى)

 هُوَ محَارب بن قيس وَمن حَدِيثه انه كَانَ يرْمى إبِلا لَهُ فَبَصر بنبعة فِي صَخْرَة فَأَعْجَبتهُ وَقَالَ ينبغى أَن تكون هَذِه قوسا فَجعل يتعهدها ويرقبها حَتَّى إِذا أدْركْت قطعهَا وجففها فَلَمَّا جَفتْ أَتَّخِذ مِنْهَا قوسا وأسهما ثمَّ خرج حَتَّى أَتَى غرَّة على موارد حمير وَحش فكمن لَيْلًا فِيهَا فَمر قطيع مِنْهَا فَرَمَاهُ فمرق مِنْهُ السهْم فَظن أَنه أَخطَأ ثمَّ لم يزل يفعل ذَلِك حَتَّى أفنى الأسهم الْخَمْسَة فِي خَمْسَة أعيار وَقد أَصَابَهَا كلهَا وَهُوَ يظنّ أَنه أخطأها فَأَنْشَأَ يَقُول
(أبعد خمس قد حفظت عدهَا ... أحمل قوسى فَأُرِيد ردهَا)
(أخزى الْإِلَه لينها وشدها ... وَالله لَا تسلم عندى بعْدهَا)
(وَلَا أَرْجَى مَا حييت رفدها ... )
ثمَّ عمد إِلَى الْقوس فَضرب بهَا حجرا وَكسرهَا ونام فَلَمَّا اصبح نظر إِلَى الأعيار مصرعة حوله وأسهمه مضرجة فندم على كسر الْقوس فَشد على إبهامه فقطعها وَأَنْشَأَ يَقُول
(نَدِمت ندامة لَو أَن نفسى ... تطاوعنى إِذن لَقطعت خمسى)
(تبين لى سفاه الرأى منى ... لعمر وَأَبِيك حِين كسرت قوسى)
وسارت ندامته مثلا فِي كل نادم على مَا جنته يَدَاهُ كَمَا قَالَ الفرزدق لما طلق امْرَأَته نوار وَنَدم عَلَيْهَا
(نَدِمت ندامة الكسعى لما ... غَدَتْ منى مُطلقَة نوار)
(وَكنت كفاقئ عَيْنَيْهِ جهلا ... فَأصْبح لَا يضئ لَهُ نَهَار)
(وَكَانَت جنتى فَخرجت مِنْهَا ... كآدم حِين لج بِهِ الْفِرَار)
وَقَالَ آخر
(نَدِمت ندامة الكسعى لما ... رَأَتْ عَيْنَاك مَا صنعت يداك)




مصادر و المراجع :

١- ثمار القلوب في المضاف والمنسوب

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید