المنشورات

(جَوْهَر الْخلَافَة)

كَانَت جَوَاهِر الأكاسرة وَغَيرهم من الْمُلُوك صَارَت إِلَى خلفاء بنى أُميَّة ثمَّ صَارَت إِلَى السفاح ثمَّ إِلَى الْمَنْصُور فاتخذها عدَّة للخلافة وفيهَا كل فص ثمين وَعقد نَفِيس
وَاشْترى الرّبيع جوهرا بِأَلف ألف دِينَار وضمه إِلَى جَوْهَر الْخلَافَة ثمَّ اشْترى المهدى الفص الْمَعْرُوف بِالْجَبَلِ بثلثمائة ألف دِينَار وضمه إِلَى جَوْهَر الْخلَافَة وَلم يزل هُوَ وَالْخُلَفَاء بعده يَحْفَظُونَهُ وَيزِيدُونَ فِيهِ مَا يقدرُونَ عَلَيْهِ ويجلب إِلَيْهِم من الْآفَاق وأفضت الْخلَافَة إِلَى المقتدر وفى خزانته من الْجَوَاهِر مَالا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَفِيه الْمَعْرُوف بالمنقاد وَقِيمَته مَالا يقدر قدره وَالْمَعْرُوف بالبحرة والدرة الْيَتِيمَة وَزَعَمُوا أَن وَزنهَا ثَلَاثَة مَثَاقِيل فتبستط فِيهِ المقتدر وَقسم بعضه على الْحرم ووهب بعضه لصافى الحرمى وَوجه إِلَى وزيره الْعَبَّاس بن الْحسن مِنْهُ شَيْئا كثيرا فَرده الْعَبَّاس وَكتب إِلَيْهِ يُعلمهُ أَن هَذَا الْجَوْهَر زِينَة الْإِسْلَام وعدة الْخلَافَة وَأَنه لَا يصلح أَن يفرق فَكَانَ ذَلِك أول ثقله على قلبه
وَكَانَت زَيْدَانَ القهرمانة مُمكنَة من خزانَة الْجَوْهَر فاتخذت سبْحَة لم ير مثلهَا وَيضْرب بهَا الْمثل فى الِارْتفَاع والنفاسة فَيُقَال سبْحَة زَيْدَانَ كَمَا يُقَال أشقر مَرْوَان وجامع سُفْيَان وعود بنان وَقد ذكرتها فى بَاب الحلى من هَذَا الْكتاب وَلما ورد على بن عِيسَى من مَكَّة إِلَى الوزارة قَالَ للمقتدر بعد كَلَام جرى بَينهمَا مَا فعلت بسبحة جَوْهَر قيمتهَا ثَلَاثُونَ ألف دِينَار أخذت من ابْن الْجَصَّاص قَالَ هى فى الخزانة فَقَالَ إِن رأى سيدنَا أَن يَأْمر بطلبها فطلبت فَلم تُوجد فأخرجها من كمه وَقَالَ قد عرضت على بِمصْر فعرفتها فاشتريتها فَإِذا كَانَت خزانَة الْجَوْهَر لَا تحفظ فَمَا الذى يحفظ فَاشْتَدَّ ذَلِك على المقتدر وعَلى السيدة واتهمت بالسبحة زَيْدَانَ وَقيل لَيْسَ من يصل إِلَى خزانَة الْجَوْهَر غَيرهَا ثمَّ أفضت الْخلَافَة إِلَى القاهر ثمَّ إِلَى الراضى وَقد امتدت إِلَى جَوْهَر الْخلَافَة أيدى الخونة وأتى عَلَيْهِ سوء السياسة فَلم يبْق مِنْهُ شَيْء فَكَأَنَّهُ ذهب




مصادر و المراجع :

١- ثمار القلوب في المضاف والمنسوب

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید