المنشورات

(عَام ابْن عمار)

هَذَا أَحْمد بن عمار بن شاذى الساكنى البصرى وَزِير المعتصم كَانَ من عَلَيْهِ النَّاس فَلَمَّا عَزله المعتصم عَن وزارته أَمر بِأَن يُولى الأزمة على الدَّوَاوِين فاستعفى وَقَالَ إنى نَوَيْت أَن أجاور مَكَّة سنة فوصله المعتصم بِعشْرَة آلَاف دِينَار وَدفع إِلَيْهِ عشْرين ألف دِينَار ليفرقها بالحرمين على من يرى تفريقها عَلَيْهِم وَلَا يعْطى إِلَّا هاشميا أَو قرشيا أَو أَنْصَارِيًّا فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ رُبمَا كَانَ من غَيرهم من لَهُم التَّقَدُّم فى الزّهْد وَالْعلم فَإِن منعته استذممت عَلَيْهِ فَقَالَ هَذِه خَمْسَة آلف دِينَار لهَؤُلَاء الَّذين ذكرتهم فحج ابْن عمار وَفرق المَال كُله مَعَ الْعشْرَة آلَاف الَّتِى لَهُ وجاور سنة ثمَّ انْصَرف فَكَانَ النَّاس يضْربُونَ بِهِ الْمثل وَيَقُولُونَ مَا رَأينَا مثل عَام ابْن عمار قَالَ مؤلف الْكتاب ويضربون الْمثل فى زَمَاننَا هَذَا بعام جميلَة وهى الموصلية بنت نَاصِر الدولة أَبى مُحَمَّد بن حمدَان أُخْت أَبى تغلب فَإِنَّهَا حجت سنة سِتّ وَسِتِّينَ وثلثمائة وأبانت من الْمُرُوءَة وَفرقت من الْأَمْوَال وأظهرت من المحاسن ونشرت من المكارم مَالا يُوصف بعضه عَن زبيدة وَعَن غَيرهَا مِمَّن حجت من بَنَات الْخُلَفَاء والملوك
وأخبرنى الثِّقَات أَنَّهَا سقت جَمِيع أهل الْمَوْسِم السويق بالسكر الطبرزد والثلح وَكَانَت استصحبت الْبُقُول المزروعة فى مراكن الخزف على الْجمال وأعدت خَمْسمِائَة رَاحِلَة للمنقطعين من رجالة الْحَج وَنَثَرت على الْكَعْبَة عشرَة آلَاف دِينَار وَلم تستصبح فِيهَا إِلَّا بشموع العنبر وأعتقت ثلثمِائة عبد ومائتى جَارِيَة وأغنت الْفُقَرَاء والمجاورين بالصلات الجزيلة فَصَارَت حجتها تَارِيخا مَذْكُورا وَصَارَت مثلا مَشْهُورا وَمن قصَّتهَا أَنَّهَا لما رجعت إِلَى بَلَدهَا وَضرب الدَّهْر ضرباته وَكَانَ مَا كَانَ من اسْتِيلَاء عضد الدولة على أموالها وحصونها وممالك أَهلهَا أفضت بهَا الْحَال إِلَى كل قلَّة وذلة وتكشفت عَن فقر مدقع وَكَانَ عضد الدولة خطبهَا لنَفسِهِ فامتنعت وترفعت عَنهُ واحتقدها عَلَيْهَا فحين وَقعت فى يَده تشفى مِنْهَا وَمَا زَالَ يعنف بهَا فى الْمُطَالبَة بالأموال حَتَّى عراها وهتكها ثمَّ ألزمها أحد أَمريْن إِمَّا أَن تُؤَدّى بَقِيَّة مَا وَقعت عَلَيْهِ من المَال وَإِمَّا أَن تخْتَلف إِلَى دور الْعَمَل فتكتسب فِيهَا مَا تُؤَدِّيه فى بَقِيَّة مصادرها فانتهزت يَوْمًا فرْصَة من غَفلَة الموكلين بهَا وغرقت نَفسهَا فى دجلة رضى الله عَنْهَا وأرضاها وَجعل الْجنَّة مأواها




مصادر و المراجع :

١- ثمار القلوب في المضاف والمنسوب

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید