المنشورات

(منديل عَبدة)

قَالَ عبد الْملك بن مَرْوَان يَوْمًا لجلسائه وَكَانَ يتَجَنَّب غير الأدباء أى المناديل أفضل فَقَالَ قَائِل مِنْهُم مناديل الْيمن كَأَنَّهَا أنوار الرّبيع
وَقَالَ آخر مناديل مصر كَأَنَّهَا غرقئ الْبيض فَقَالَ عبد الْملك مَا صَنَعْتُم شَيْئا أفضل المناديل منديل عَبدة يعْنى عَبدة بن الطَّبِيب فى قَوْله من قصيدة
(لما نزلنَا نصبنا ظلّ أخبية ... وفار للْقَوْم بِاللَّحْمِ المراجيل)
(وردا وأشقر لم يهنئه طابخه ... مَا غير الغلى مِنْهُ فَهُوَ مَأْكُول)
(ثمت قمنا إِلَى جرد مسومة ... أعرافهن لأيدينا مناديل)
وَالْأَصْل فى هَذَا الْمَعْنى قَول امْرِئ الْقَيْس
(نمش بأعراف الْجِيَاد أكفنا ... إِذا نَحن قمنا عَن شواء مضهب) 29 (لِسَان حسان) يضْرب بِهِ الْمثل فى الذلاقة والطول والحدة وَيُقَال شكره شكر حسان لآل غَسَّان
وَلما هجا النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شعراء الْمُشْركين كَابْن الزِّبَعْرَى وَكَعب بن مَالك قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا رجل يرد عَنَّا فَقَالَ حسان بلَى يَا رَسُول الله وَأَشَارَ إِلَى نَفسه فَقَالَ لَهُ اهجهم وروح الْقُدس مَعَك فو الله إِن هجاءك اشد عَلَيْهِم من وَقع السِّهَام فى غلس الظلام والق أَبَا بكر يعلمك تِلْكَ الهنات فَلَمَّا قَالَ ذَلِك النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخرج حسان لِسَانه ثمَّ ضرب بطرفه أَنفه وَقَالَ وَالله يَا رَسُول الله مَا يسرنى بِهِ مقول من معد
وَالله إنى لَو وَضعته على شعر لحلقه أَو على صَخْر لفلقه قَالَ الجاحظ فَلَا ينبغى ان يكون مَا قَالَ حسان إِلَّا حَقًا وَكَيف يَقُول بَاطِلا والنبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرهُ وَجِبْرِيل يسدده وَالصديق يُعلمهُ وَالله يوفقه
وَقَالَ غَيره من ظريف أَمر حسان أَنه كَانَ يَقُول الشّعْر فى الْجَاهِلِيَّة فيجيد جدا ويغبر فى وُجُوه الفحول ويدعى أَن لَهُ شَيْطَانا يَقُول الشّعْر على لِسَانه كعبارة الشُّعَرَاء فى ذَلِك فَلَمَّا أدْرك الْإِسْلَام وتبدل الشَّيْطَان بِالْملكِ تراجع شعره وَكَاد يَرك قَوْله هَذَا ليعلم أَن الشَّيْطَان أصلح للشاعر وأليق بِهِ وأذهب فى طَرِيقه من الركاكة وَأَنا اسْتغْفر الله من هَذَا القَوْل فَأنى أكرهه





مصادر و المراجع :

١- ثمار القلوب في المضاف والمنسوب

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید