المنشورات

(غزل ابْن أَبى ربيعَة)

هُوَ عمر بن عبد الله بن أَبى ربيعَة المخزومى أغزل خلق الله وأحلاهم شعرًا فى الْغَزل وأرقهم طبعا فى النسيب وَلَيْسَ لَهُ شعر فى الْمَدْح والهجاء وَالْفَخْر وَإِنَّمَا قصر شعره كُله على ذكر النِّسَاء وَصرف مُعظم شعره إِلَى الشرائف وَبَنَات الخلائف لَا سِيمَا إِذا حججن واعتمرن وَظهر المستور من محاسهن وَكَانَ يذهب فى طَرِيق من قَالَ إنى لأعشق الشّرف كَمَا يعشق غيرى الْجمال
ويروى أَنه ولد فى اللَّيْلَة الَّتِى قبض فِيهَا عمر بن الْخطاب رضى الله عَنهُ فَسمى باسمه فَكَانَ النَّاس يَقُولُونَ أى حق رفع وأى بَاطِل وضع
وَقَالَ لَهُ عبد الْملك بن مَرْوَان يَوْمًا وَقد سمع شعره بئس جَار الْغَيْر أَنْت
وَكَانَ طَاوس يَقُول إِذا سمع شعره مَا عصى الله تَعَالَى بِشعر كَمَا عصى بِشعر عمر
وَلما قَالَ لَهُ هِشَام مَا يمنعك عَن مَدْحنَا قَالَ إنى أمدح النِّسَاء لَا الرِّجَال
وَمن ظريف مَا حكى عَنهُ أَن نعمى إِحْدَى صواحباته اغْتَسَلت فى غَدِير فَأَقَامَ عَلَيْهِ يشرب مِنْهُ حَتَّى جف
وَكَانَ أَخُوهُ الْحَارِث بن عبد الله بن أَبى ربيعَة لَا يقاره على تغزله ومجنونه فَبَيْنَمَا هُوَ ذَات يَوْم فى منزل عمر قد اسْتلْقى فى مقيلة إِذْ دخلت عَلَيْهِ صاحبته الثريا فَأَلْقَت نَفسهَا عَلَيْهِ وهى تظنه عمر فَقَامَ الْحَارِث مغضبا يجر رِدَاءَهُ وَأَرَادَ أَن يخرج فَتَلقاهُ عمر وَسَأَلَهُ عَن حَاله فَأخْبرهُ بِحَدِيث الْمَرْأَة وإلقائها نَفسهَا عَلَيْهِ فَقَالَ أبشر يَا أخى فَلَا تمسك النَّار بعْدهَا أبدا
وَلما أنْشد عمر قَوْله
(وَيَوْم كتنور الطواهى سجرنه ... وألقين فِيهِ الجزل حَتَّى تضرما)
(قذفت بنفسى فى أجيج سمومه ... وَلَا زلت حَتَّى ابتل مشفرها دَمًا)
فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ الله أكبر قد أخذت فى فن آخر من الشّعْر فَلَمَّا اتبعهما بقوله
(أُؤَمِّل أَن ألْقى من النَّاس عَالما ... بإخباركم أَو أَن ألم مُسلما)
وَقَالَ لَهُ إِنَّك لفى ضلالك الْقَدِيم
وَقد ضرب بِهِ الصاحب الْمثل حَيْثُ قَالَ رِسَالَة لَهُ أَنْت أغزل من عمر إِذا حج وَاعْتمر





مصادر و المراجع :

١- ثمار القلوب في المضاف والمنسوب

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید