المنشورات

(برد الْعَجُوز)

فِيهِ أقاويل مُخْتَلفَة فَمِنْهَا أَن عجوزا دهرية كاهنة من الْعَرَب كَانَت تخبر قَومهَا بِبرد يَقع فى أَوَاخِر الشتَاء وأوائل الرّبيع فيسوء أَثَره على المواشى فَلم يكترثوا بقولِهَا وجزوا أغنامهم واثقين بإقبال الرّبيع فَلم يَلْبَثُوا إِلَّا مديدة حَتَّى وَقع برد شَدِيد اهلك الزَّرْع والضرع فَقَالُوا هَذَا برد الْعَجُوز يعنون الْعَجُوز الَّتِى كَانَت تنذر بِهِ
وَمِنْهَا أَن عجوزا كَانَت بالجاهلية وَلها ثَمَانِيَة بَنِينَ فَسَأَلَهُمْ أَن يزوجوها وألحت عَلَيْهِم فتآمروا بَينهم وَقَالُوا إِن قتلناها لم نَأْمَن عشيرتها وَلَكِن نكلفها البروز للهواء ثَمَان لَيَال لكل وَاحِد منا لَيْلَة فَقَالُوا لَهَا إِن كنت تزعمين أَنَّك شَابة فابرزى للهواء ثَمَان لَيَال فإننا نُزَوِّجك بعْدهَا فوعدت بذلك وتعرت تِلْكَ اللَّيْلَة وَالزَّمَان شتاء كلب وبرزت للهواء فَلَمَّا أَصبَحت قَالَت
(إيها بنى إننى لنا كحة ... وَإِن أَبَيْتُم إننى لجامحه)
(هان عَلَيْكُم مَا لقِيت البارحة ... )
فَقَالُوا لَهَا لَا بُد أَن تنجزى وَعدك فى الليالى السَّبع فَفعلت وَمَاتَتْ فى اللَّيْلَة السَّابِعَة
وَنسب الْعَرَب إِلَيْهَا برد الْأَيَّام الثَّمَانِية وأسماؤها الصن والصنبر والوبر وآمر ومؤتمر ومعلل ومطفئ الْجَمْر ومكفئ الظعن وفيهَا شعر مَصْنُوع
(كسع الشتَاء بسبعة غبر ... أَيَّام شهلتنا من الشَّهْر)
(فَإِذا انْقَضتْ أَيَّام شهلتنا ... بالصن والصنبر والوبر)
(وبآمر وبأخيه مؤتمر ... ومعلل وبمطفئ الْجَمْر)
(ذهب الشتَاء موليا عجلا ... وأتتك وافدة من الْحر)
وَزعم بعض الْمُفَسّرين أَنَّهَا الْأَيَّام الَّتِى أهلك الله تَعَالَى فِيهَا عادا فَقَالَ {وَأما عَاد فأهلكوا برِيح صَرْصَر عَاتِيَة سخرها عَلَيْهِم سبع لَيَال وَثَمَانِية أَيَّام حسوما فترى الْقَوْم فِيهَا صرعى كَأَنَّهُمْ أعجاز نخل خاوية فَهَل ترى}
لَهُم من بَاقِيَة)
وَقد ظرف ابْن المعتز فى هجاء عَجُوز نسب إِلَيْهَا الْبرد وأوهم أَنه يُرِيد برد الْعَجُوز الْمَذْكُورَة وَهُوَ يعْنى برد عَجُوز أُخْرَى هجاها فَقَالَ
(جمد برد الْعَجُوز فى كوزها المَاء ... وأطفئ نيران مجمرها)
(فليت برد الْعَجُوز فى فمها ... وحرها يكون فى حرهَا)
وَقَالَ ابْن الرومى وَهُوَ يضْرب الْمثل بِبرد الْعَجُوز
(كنت عِنْد الْأَمِير أيده الله ... لأمر وَذَاكَ فى تموز)
(فتغنى فهزنى الْبرد حَتَّى ... خلت انى فى وسط برد الْعَجُوز)




مصادر و المراجع :

١- ثمار القلوب في المضاف والمنسوب

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید