المنشورات

(بغلة أَبى دلامة)

كَانَ لأبى دلامة بغلة مَشْهُورَة يضْرب بهَا الْمثل فى كَثْرَة الْعُيُوب لِأَنَّهُ قَالَ فِيهَا قصيدة طَوِيلَة تَشْمَل على ذكر عيوبها فَيُقَال مَا هُوَ إِلَّا كبغلة أَبى دلامة وطيلسان ابْن حَرْب وأير أَبى حَكِيم وحمار طياب وشَاة سعيد وَالْقَصِيدَة هَذِه
(أبعد الْخَيل أركبها كراما ... وَبعد الغر من حضر البغال)
(رزئت ببغلة فِيهَا وكال ... وليت وَلم يكن غير الوكال)
(رَأَيْت عيوبها وعييت فِيهَا ... وَلَو أفنيت مُجْتَهدا مقالى)
(ليحضر منطقى وَكَلَام غيرى ... فَخير خصالها شَرّ الْخِصَال)
(فأهون عيبها أَنى إِذا مَا ... نزلت فَقلت إمشى لَا تبالى)
(تقوم فَمَا تسير هُنَاكَ سيرا ... وترمحنى وَتَأْخُذ فى قتالى)
(وَحين ركبتها آذيت نفسى ... بِضَرْب بِالْيَمِينِ وبالشمال)
(وبالرجلين أركزها جَمِيعًا ... فيالك فى الشَّقَاء وفى الكلال)
(أتيت بهَا الكناسة مستبيعا ... أفكر دائبا كَيفَ احتيالى)
(فَبينا فكرتى فى السّوم تسرى ... إِذا مَا سمت أرخص أم غالى)
(أتانى خائب جمق شقى ... قديم فى الخسارة والضلال)
(فَلَمَّا ابتاعها منى وَصَارَت ... لَهُ فى البيع غير المستقال)
(أخذت بِثَوْبِهِ وبرئت مِمَّا ... أعد عَلَيْك من شنع الْخِصَال)
(بَرِئت إِلَيْك من مشش قديم ... وَمن جرد وَمن بَلل المخالى)
(وَمن فرط الحران وَمن جماح ... وَمن ضعف الأسافل والأعالى)
(وَمن عض اللِّسَان وَمن خراط ... إِذا ماهم صحبك بارتحال)
(وَمن كَدم الْغُلَام وَمن بَيَاض ... بناظرها وَمن حل الحبال)
(تقطع جلدهَا جربا وحكا ... إِذا هزلت وفى غير الهزال)
(وألطف من فريخ الذَّر مشيا ... بهَا عرن وداء من سلال)
(وتكسر سرجها أبدا شماسا ... وَتسقط فى الرمال وفى الوحال)
(ويهزلها الجمام إِذا خصبنا ... ويدمى ظهرهَا مس الْجلَال)
(وتحفى إِن بسطت لَهَا الحشايا ... وَلَو تمشى على دمث الرمال)
(وتفزع من صياح الديك شهرا ... وتنفر للصفير وللخيال)
(إِذا استعجلتها عثرت وبالت ... وَقَامَت سَاعَة عِنْد المبال)
(وتضرط أَرْبَعِينَ إِذا وقفنا ... على أهل الْمجَالِس للسؤال)
(فتقطع منطقى وتحول بينى ... وَبَين حَدِيثهمْ مِمَّا توالى)
(حرون حِين تركبها الْحَضَر ... جموح حِين تعزم للنزال)
(وَألف عَصا وسوط أصبحى ... ألذ لَهَا من الشّرْب الزلَال)
(وَأما القت فأت بِأَلف وقر ... كأعظم حمل أَو سَاق الْجمال)
(فَإنَّك لست عالفها ثَلَاثًا ... وعندك مِنْهُ عود للخلال)
(وَإِن عطشت فأوردها دجيلا ... إِذا أوردت أَو نهرى بِلَال)
(فَذَاك لريها سقيت حميما ... وَإِن مد الْفُرَات فللنهال)
(وَكَانَت قارحا أَيَّام كسْرَى ... وتذكر تبعا عِنْد الفعال)
(وتذكر إِذْ تشأ بهْرَام جور ... وَذَا الأكتاف فى الحقب الخوالى)
(فقد مرت بقرن بعد قرن ... وَأخر عهدها لهلاك مالى)
(فأبدلنى بهَا يَا رب طرفا ... يزين بِحسن مركبه جمالى)
وَقد أورد الجاحظ قصيدة أَبى دلامة هَذِه فى قصائد البغال قَالَ والمثل فى البغال بغلة أَبى دلامة وفى الْحمير حمَار العبادى وفى الْغنم شَاة منيع وفى الْكلاب كلبة أم حومل




مصادر و المراجع :

١- ثمار القلوب في المضاف والمنسوب

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید