المنشورات

(جآذر جاسم)

يُقَال جآذر جاسم كَمَا يُقَال وَحش وجرة وللقاضى أَبى الْحسن فصل فى ذكرهمَا لم أر احسن وابلغ وَلَا اكفى وأشفى مِنْهُ وَهُوَ قد علمت أعزّك الله أَن الشُّعَرَاء قد تداركوا عُيُون الجآذر ونواظر الغزلان حَتَّى إِنَّك لَا تكَاد تَجِد قصيدة نسيب تَخْلُو مِنْهُ إِلَّا النَّادِر والفذ وَمَتى جمعت ذَلِك ثمَّ قرنت إِلَيْهِ قَول امْرِئ الْقَيْس
(تصد فتبدى عَن أسيل وتتقى ... بناظرة من وَحش وجرة مطفل)
وقابلته بقول عدى بن الرّقاع
(فَكَأَنَّهَا بَين النِّسَاء أعارها ... عَيْنَيْهِ احور من جآذر جاسم)
رَأَيْت إسراع الْقلب إِلَى قبُول هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وتبينت قربهما مِنْهُ وَالْمعْنَى وَاحِد وَكِلَاهُمَا خَال من الصَّنْعَة بديع من البديع إِلَّا مَا حسن من الِاسْتِعَارَة اللطيفة الَّتِى كسته هَذِه الْبَهْجَة هَذَا وَقد تخَلّل كل وَاحِد مِنْهُمَا من حَشْو الْكَلَام مَا لَو حذف لاستغنى عَنهُ ومالا فَائِدَة فى ذكره لِأَن امْرأ الْقَيْس قَالَ من وَحش وجرة وعديا قَالَ من جآذر جاسم وَلم يذكر هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ إِلَّا استعانة بهما فى إتْمَام النّظم واقامة القافية وَلَا تلْتَفت إِلَى مَا يُقَال فى وجرة وجاسم فَإِنَّمَا يطْلب بَعضهم الإغراب على بعض وَقد رَأَيْت ظباء جاسم فَلم أرها إِلَّا كَغَيْرِهَا وَسَأَلت من لَا أحصى من الْأَعْرَاب عَن وَحش وجرة فَلم يرَوا لَهَا فضلا على وَحش صريمة وغزلان بسيطة وَقد يخْتَلف خلق الظباء وألوانها بأختلاف المنشأ والمرتع وَأما الْعُيُون فَقل أَن تخْتَلف لذَلِك وَأما مَا أتم بِهِ عدى الْوَصْف واضافة إِلَى الْمَعْنى المبتدا بِهِ بقوله
(وَسنَان أقصده النعاس فرنقت ... فى عينه سنة وَلَيْسَ بنائم)
فقد زَاد بِهِ على كل من تقدم وَسبق بفضله من تَأَخّر وَلَو قلت إِنَّه اقتطع على هَذَا الْمَعْنى فَصَارَ لَهُ وحظر على الشُّعَرَاء الشّركَة فِيهِ لم ارنى بَعدت عَن الْحق وَلَا جانبت الصدْق فِيمَا قلته





مصادر و المراجع :

١- ثمار القلوب في المضاف والمنسوب

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید